الشاشة الصغيرة : مخاطر كبيرة في عالم الصغار .. !؟

بقلم: نور علي معروف
في عصرنا الحالي أصبح التلفاز – أو كما يراه الطفل صندوق الألعاب السحري – الصديق الأقرب لأولادنا في مرحلة الطفولة المبكرة، حيث أثبتت الدراسات أن الطفل يقضي أمامه وقتاً يفوق ما يقضيه في المدرسة بمعدّل (3-4)ساعات يومياً، وأكثر من ذلك أيام الإجازات المدرسية، وتؤكد الأبحاث العلمية أن نسبة 70% من الصور الذهنية التي يبنيها الإنسان عن الأشياء والأشخاص والعلاقات والأماكن مستمدة من شاشته الصغيرة ، في حين 90% من البرامج المقدمة للأطفال العرب أجنبية الإنتاج والأفكار سواء المترجمة أو المدبلجة.

هذه الحقيقة تستدعي أسئلة عديدة تشكّل تحدّياً هاماً وملحّاً أمام منظومة التربية المسؤولة عن تنشئة الطفل في مراحله الأولى و تعزيز أصالة المجتمع والانتماء للوطن لديه :
كيف يمكن الإفادة من التلفاز كوسيلة إعلام مفيدة و أداة تربوية فعّالة؟
التلفزيون بما يمتلكه من صور ومثيرات وتعبيرات مرئية تستحوذ على الطفل يمكن اعتباره أشبه بحاسة سادسة تضاف لحواسه الخمس، لكنه تحول إلى آلة خطيرة في واقع البرامج التلفزيونية البعيدة كل البعد عن ثقافة مجتمعنا و قيمه، والتي قد يهدد محتواها فكر الطفل ويشتّته على المدى البعيد ،بإغناء خياله بصور لا تمت لواقعه بصلة أو تعزز لديه سلوكيات عدوانية، فضلا عما قد يسرَّب إلى أبنائنا من أفكار دخيلة دون رقابة أو انتباه من الأهل أحيانا، وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر الرموز الماسونية التي تمرر على الشاشة في غفلة منا.
هنا يكون الحل بتنمية المشاهدة الواعية للتلفاز، عن طريق تزويد الأطفال بمهارات تمكنهم من تحليل ما يشاهدونه من خلال نقاشهم مع الأهل والتوصل بالنتيجة لقناعات تجعل الطفل يتحكم ذاتياً ( قدر الإمكان ) بما يراه، وتوجيهه – بشكل غير مباشر – نحو برامج مفيدة.
ما الإجراءات التي تساعد الأهل على تنمية مهارة المشاهدة الواعية للتلفاز؟
بالحوار والنقاش مع الطفل ، يمكن تخصيص مدة معينة للمشاهدة، وتحديد الأوقات المفضلة للمشاهدة، إضافة للبرامج المرغوب متابعتها (و يُستحسن أن تكون تحت رقابة الأهل منعاً لاحتوائها على قيم وأفكار وسلوكيات غير مرغوبة عند الطفل ) ، ويفضل ألا تكون المشاهدة فردية ، وألا يكون التلفاز الوسيلة الترفيهية الوحيدة، كما يمكن التنبيه على ضرورة الجلوس جلسة صحية وتجنب أداء الواجبات أثناء المشاهدة، وتعويد الطفل على الجلوس مع أسرته و مع الآخرين بدون تشغيل التلفاز.
وبذلك يصبح التلفزيون في غاية الأهمية لتحفيز الأطفال على المشاركة و المناقشة و تدريبهم على مهارات الاختيار والاستنتاج والتفاعل مع ما يعرض أمامهم و تحليله ، فكلما زادت القدرة على المشاهدة الواعية كنا أقدر على تنشئة مشاهدين أذكياء قادرين على الإفادة من صندوقهم السحري دون مخاطر .