يختلف الأبناء داخل الأسرة الواحدة على الكثير من الأمور الحياتية ، لذا على الوالدين أن لا يشعروا أنهم أمام مشكلة معقدة تستدعي التوتر والقلق الدائم واعتبارها ظاهرة طبيعية تمر بها كل الأسر، ولها ايجابيات كإفراغ طاقتهم والتشجيع على التنافس الجيد بين الأخوة والتعرف على امكاناتهم وعلى نقاط القوة والضعف لديهم ، فيجب على الوالدين حل الخلافات بين الأبناء دون ترك أي أثر سلبي.
هناك الكثير من المواقف والأسباب التي تدفع بالأبناء إلى الخلاف ،منها أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة :
الأسباب المباشرة :
- الغيرة : وهي غالباً ما تحدث بين الأخوة في نفس المرحلة العمرية ،أو عندما يجدون فرقاً غير مبرراً في معاملة أحد الأخوة وإعطائه اهتماماً يفوق الباقين ،كالغيرة اتجاه مولود جديد أو أخ يحتاج إلى اهتمام خاص لظروف مرض مثلاً.
- الخلاف على المصالح والرغبات : فكل طفل لديه رغبات خاصة وحاجات لا يستغني عنها لصالح أحد ،كالخلاف على مكان الجلوس في البيت ،أو عند ركوب السيارة أو تغيير قنوات التلفاز، أو الخلاف على اللعب أو الحصول على بعض الأشياء.
- الشعور بالنقص : تفرقة الوالدين في المعاملة بين الأخوة تُشعر الطفل بالنقص وتدفعه إلى تعويض هذا النقص بإيذاء أخيه أو الأخرين .
- الشعور باضطهاد الكبار : ويكون ذلك بحب السيطرة وامتلاك الأشياء من أحد الأخوة.
- انشغال الأبوين عن الأبناء : قد يتشاجر الأبناء لا لشيء إلا للفت انتباه الوالدين فقط ، خاصة في حال انشغالهما لوقت طويل في العمل أو المطبخ أو مواقع التواصل الاجتماعي.
- العلاقة الأسرية القائمة على القسوة والعنف : العنف الأسري سواء في تعامل الزوجين مع بعضهما البعض أو مع الأبناء ،يعطي الطفل نموذجاً لطبيعة العلاقة والسلوك الذي يمكن أن ينتهجه مستقبلاً.
- اختلاف الطباع : هناك اختلاف بين الأبناء في الطباع مهما كانت مراعاة الوالدين للمعاملة العادلة، فقد يستفز ميل أحدهم للفوضوية أعصاب أخيه محب النظام.
الأسباب غير المباشرة:
- الأنانية: الأطفال لا يتنازلون عن أي من الأشياء التي يرونها حقاً أو ملكاً لهم، لذلك نجدهم يتورطون في الخلافات عندما يأتي أحدهم ويهدد ما يرونه حقاً لهم.
- اثبات الذات : يرى بعض الأطفال في افتعال الخلافات مع أخوتهم اثباتاً لوجودهم وقوتهم وقدرتهم على فرض رغباتهم بالقوة.
- المنافسة : لا يريد الطفل أن ينافسه أحد على شيء خاصة الأشياء التي يعتبرها ملكه ،كألعابه أو ذويه أو أغراضه الشخصية ،لهذا يلجأ إلى الخلاف كوسيلة لكسب المنافسة.
- الرغبة في القيادة والتزعم: بعض الأطفال يولدون ولديهم رغبة نحو السيطرة على غيرهم ، لهذا يلجؤون إلى الخلاف لجعل الآخرين يخافونهم.
لا يمكن تجنب حدوث الخلافات بين الأبناء بشكل تام، ولكن يمكن اتخاذ بعض الخطوات للحد منها والعمل على تحسين العلاقة الأخوية بشكل عام :
- اعطاء الأبناء الفرصة لكي يختلفوا ويعبروا عن غضبهم ولو قليلاً ؛ لأن القواعد الصارمة ستجعلهم يخرجون ما بداخلهم بطرق أخرى.
- إذا شعرت أن أحد الأبناء سيصاب بأذى جسدي ،ضع حداً بأن تطلب منهم التوقف حالاً.
- من المهم أن تستمع إلى أبناءك عن سبب الخلاف وأن تشعرهم أنك محايد وعادل .
- علم أبنائك أسلوب الحوار ،فإذا اختلفوا على شيء فخذه منهم، وأخبرهم أنه يمكن استرجاعه بعد أن يتوصلوا إلى اتفاق وحل.
- لا تنخدع بدموع ابنك الصغير؛ لأنه قد يبالغ في بكائه للفت انتباهك ،فحاول أن لا تنحاز مع أحد الأبناء ضد الآخر.
- لا تقارن بين أبناءك (أخوك أفضل منك مثلاً) فمثل هذه المقارنة تجعل الطفل يكره التشبه والاقتداء بأخيه رغم صفاته الحسنة ويجعله يشعر بالغيظ منه.
- تحكم في غضبك وطريقة وتعبيرات وجهك أمام أبناءك ،فصوتهم العالي وأسلوبهم في التعامل هو انعكاس لصوتك العالي وصراخك واستخدامك للعنف والضرب أحياناً.
- الاستماع إلى الطرفين وتعويدهم بالأساس على أن المخطئ يجب أن يعتذر ، وتدعيم ثقافة الاعتذار مع مراعاة الفارق العمري بين الأبناء.
- عدم التسرع بمعاقبة الابن المخطئ ؛ لأن ذلك ينمي بين الأبناء روح الغيظ والانتقام ، وقد يقع عقابك على البريء فيشك الطرفان في حكمك في المستقبل.
- عدم استخدام كلمات جارحة للأبناء ،ويجب مراعاة الدقة في استخدام العبارات .
- يجب امتصاص ثورة الغضب بينهم وتحويل نقمتهم إلى نوع من العمل الإيجابي السليم كمساعدة الغير أو دعوتهم لمساعدة أمهم أو ما شابه.
- أعطهم فرصة للتعامل مع الموقف دون أن تتدخل حتى يتعلموا الاعتماد على أنفسهم ، حتى إذا لم ينجحوا في حل الخلاف ، فالمحاولة تنمي مهاراتهم ، وقاوم الاستجابة لصراخهم طالما لم يتحول الأمر إلى عراك بالأيدي.
- يُفضل أن تقوم الأم بحل الخلافات اليسيرة دون تدخل الأب باعتبارها أكثر تلازماً مع الأبناء، أي ليس بالضرورة ابلاغ الأب أولاً بأول، فبعض الأبناء يعتبرها وشاية عليهم ، لكن إذا تطورت الخلافات بين الأبناء ولم تستطع الأم حلها يتدخل الأب وعليه أن يكون حكيماً في حل هذه الخلافات.
إن خلاف الأخوة المتكرر يسبب توتراً للوالدين ، ويشكل ضغطاً كبيراً عليهما، وهو أمر لا يمكن تجاهله ، لذا يجب التعامل مع الموضوع بجدية وحساسية ؛ لأن كل مشكلة قد تشكل فرصة ذهبية لتعلم مهارة جديدة كتدريبهم على أسلوب التفاوض والتسامح وضبط النفس إلى جانب أهمية علاقة الأخوة في حياة بعضهم البعض.
دائرة الأبحاث والدراسات
زاهدة غويش
