إكساب الطفل اللغة العربية ثروة فكرية

 اللغة العربية ليست وسيلة للتواصل بين الناس أو التعبير عن حاجاتهم و مشاعرهم فقط , بل هي مصدر أساسي لتعزيز الهوية الثقافية العربية عامة , و تشكيل هوية الطفل العربي خاصة في زمن التجدد و الانفتاح على ثقافات أخرى , و أثرها الكبير في تشكيل و نمو شخصية الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة , حيث تمكنه من إدارة حياته بشكل أفضل , و تساعده في تكوين عالمه بأبعاده كافة, و تزيد من قدراته في التعبير عن دوافعه و حاجاته . و تؤدي اللغة لدى الطفل وظائف عدة كما حددها مايكل هاليداي و هي :

  • الوظيفة النفعية : و تظهر عندما يستخدم الطفل اللغة في التعبير عن حاجاته , كأن يقول عندما يعطش : ” أشرب”.
  • الوظيفة التنظيمية : و فيها تُستخدَم اللغة في طلب شيء , كأن تقول للطفل مثلاً : “ابتعد خطر !” .
  • الوظيفة التفاعلية : و فيها تُستخدَم اللغة للتواصل مع الناس و إقامة علاقات معهم , كأن يقول الطفل : “أحبك أبي”.
  • الوظيفة الشخصية : و فيها تُستخدَم اللغة للتعبير عن الآراء و الهوية الشخصية , كأن تقول الطفلة مثلاً : “أنا بنت جميلة”.
  • الوظيفة الاستكشافية : و فيها يستخدم الطفل حاجته لاستكشاف ما حوله في البيئة المحيطة , كأن يقول الطفل : “ما فائدة المكواة؟”.
  • الوظيفة التخيلية : و فيها تُستخدَم اللغة في حكي الأحاديث و إلقاء النكات و ابتكار بيئة خلاقة من الخيال .
  • الوظيفة الإخبارية : و فيها تُستخدَم اللغة في نقل الحقائق و المعلومات .

و باعتبار أن الطفل في مراحله الأولى يقضي معظم وقته في البيت متأثراً بأفراد أسرته ويتعلم طريقة تفكيرهم, و أسلوب تعبيرهم, و يكتب مفردات لغتهم , لذلك تُعد الأسرة هي المسؤولة الأولى و لها الدور الرئيس في تعزيز اللغة العربية لديه من خلال :

  1. التحدث إلى الرضيع و الطفل و الغناء له .
  2. تقديم كتب أو صور ملونة و زاهية يقلب صفحاتها, و الإشارة إلى الصور و محاولة وصفها بصوت واضح و لغة مفهومة .
  3. قراءة القصص المصورة للطفل, و إعطائه فرصة لتمعن الصور مع ملاحظة تعبيرات الوجه و الصوت لديه تبعاً لأحداث القصة ,وعليهم تصحيح أخطاء النطق .
  4. الحديث المتواصل مع الطفل حول أية موضوعات تهمه و تناسب عمره .
  5. تجزئة الكلمة مع الطفل إلى مقاطع و حروف ,و محاولة نطق كل مقطع أو حرف على حدة, و يمكن عمل ذلك على شكل لعبة أو منافسة بين الأطفال .
  6. محاولة جذب انتباه الطفل حين التحدث إليه, و الاستجابة لجميع محاولاته للاتصال (اللفظية أو غير اللفظية), و تشجيعه على إصدار الأصوات و الكلمات بصورة دائمة , و مساعدته في طرح الأسئلة عند طلب الأشياء, و عدم الاستجابة الفورية لإشارته للشيء الذي يريده بل من الأفضل أن نسأل الطفل: (ماذا تريد؟) .
  7. توفير فرص الاتصال المباشر للطفل بالناس الآخرين الراشدين من حوله , و هذه الصلة تولد مساهمة فعالة في مهارته اللغوية .

و من الجدير بالذكر أن الطفل في الأسرة يكتسب اللغة بشكل طبيعي و عشوائي ، و هذا ما يحدث في معظم البيوت, حيث يتحدث الطفل بلغة معينة و يتلفظ مفردات أسرته, ولكن يجب على الأسرة أن تراعي مراحل التطور اللغوي عند الطفل بشكل منظم , و لا نقصد هنا التحدث إليه باللغة العربية الفصحى لأن هذا محال , بل واجبها يتمثل في تنمية مهاراته اللغوية سواء بالتحدث و الحوار أو من خلال وسائل معينة مثل : برامج التلفزيون و الإذاعة و الإنترنيت , و تنمية الوعي بأهمية اللغة العربية ,و غرس محبتها ,و الإقبال عليها حتى يتسنى للطفل اكتساب مهارات لغوية تسهل عليه التواصل مع أقرانه . و باعتبار أن الأسرة ليست الوحيدة المسؤولة عن رعاية طفلها –لا سيما في مجال اللغة – و إنما هناك مؤسسات تربوية تتقاسم عبء هذه الرعاية مع الأسرة أهمها الروضة, و دورها الكبير في تنمية لغة الطفل و ذلك من خلال :

  1. توفير خبرات متعددة للطفل تساعده على النمو المعرفي و العقلي .
  2. إثراء المحصول اللغوي للطفل عن طريق الحديث و الحوار .
  3. تحفيز الطفل على عملية التعليم من خلال الأنشطة المُقدَمة .
  4. السعي لتنمية المهارات اللغوية الأساسية الأربع لدى الطفل و هي مهارات الاستماع ,و التحدث ,و القراءة ,و الكتابة .
  5. مساعدة الطفل في التعبير عن نفسه بأسلوب عربي فصيح ,و الاستماع إليه .
  6. التفاعل وسيلة لتنمية و إثراء الجانب اللغوي عند الطفل و اكتسابه النطق السليم لبعض الكلمات الصعبة.

و ختاماً نقول : إن تعليم اللغة للطفل هو المطلب الأول و المهم الذي يجب على الأسرة و الروضة أخذه بعين الاعتبار , و في حال تمكن الطفل من إتقانها يُعد ذلك نقطة انطلاق لقدراته الذهنية في التفكير و الإبداع ,و تعلم مطالب الحياة الأخرى جميعها .

       المراجع:

  • بدران , شبل. (2000). الاتجاهات الحديثة في تربية طفل ما قبل المدرسة .ط1.الدار المصرية:القاهرة.
  • الجمل ، فهد.2021م. الطفل واكتساب اللغة . الطبعة الأولى.غزة .فلسطين.
  • عماش , حاتم ,أحمد و رياض.(2016).سياق الحال في الاتجاه الوظيفي مايكل هاليداي أنموذجاً.مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية و الإنسانية . العدد 29.العراق.
  • قاسم , أنيس .اللغة و التواصل لدى الطفل.مركز الاسكندرية للكتب .مصر.

 

                                                                           دائرة الأبحاث و الدراسات

                                                                                  ألين يونس