“أساليب إيجابيّة في تربية الطفل”

تشتركُ الأساليب التربويّة في عمليّة تنشئة الطفل وتكوين شخصيّته، ويتفوّق أسلوبٌ على غيره بالنتيجة الإيجابيّة التي يؤدّيها والأثر الذي يتركه في صحّة الطفل النفسيّة ومراحل نموّه.
وتأتي أساليب التربية الإيجابيّة في مقدّمتها حيثُ أثبتتْ بأنّها أساليبٌ بنّاءةٌ تساعد على تنشئة طفل يتمتّع بصحّةٍ نفسيّة وشخصيّةٍ متزنة، لأنّها تعتمد على تنمية نقاط القوّة الداخلية للطفل بدلاً من التركيز على سلوكيّاته السلبيّة.
تُعرف (الأساليب الإيجابيّة في تربية الطفل) بأنها اتّباع ممارسات تهيّئ له جوّاً سعيداً يساعده على الشعور بالأمان، وتوفّر له فرصة ثريّة ليطوّر انفعالاته بصورة سليمة وتدرّبه على تحمّل المسؤوليّة باعتبارها أساليبَ تربويّة تتيح للطفل أن يتعلّم منها السلوك المرغوب مع الحفاظ على علاقته الجيّدة مع الكبار الذين يرعونه، وعلى نظرته الإيجابيّة لنفسه وللقائمين على رعايته. وفيما يأتي عرضٌ لبعض الأساليب الإيجابيّة التي يتبعها مقدّمو الرعاية في تربية الطفل:
– التقبّل (الدفء): إنّ دفء المعاملة يتمثّل في السعي إلى مشاركة الطفل والتعبير عن حبّه، والفخر بتصرّفاته الإيجابيّة ورعايته وتقبّله، فالطفل الذين يتمّ تقبّله غالباً يكون أكثر استقراراً وطمأنينة من الناحيّة الانفعاليّة، ويترتّب عليه آثار تنعكس على سلوك الطفل ونموّه وتقديره الإيجابيّ لذاته ونظرته الإيجابيّة للحياة في مرحلة الرشد.
ومن أهمّ ممارسات مقدّمي الرعاية التي تؤدّي إلى شعور الدفء:
– إشباع احتياجات الطفل الأساسيّة.
– الحبّ غير المشروط.
– مشاركته في اللعب والعادات اليوميّة.
– احترام أفكاره ومشاعره واستنتاجاته.
– الحوار داخل الأسرة وإشراك الطفل فيه.
– إشعاره بالأمان وإحاطته بمشاعر الحبّ ودفء العلاقة.
– التركيز على إيجابيّاته.
– الاندماج الإيجابيّ: يشعر الطفل بأنّه يشكّل مع والديه كلّاً واحداً حيث يتعاملان معه بلطفٍ وطيبة من خلال الاهتمام بآرائه وأفكاره وإحاطته بالدفء فيدرك حينها أنّه قريب منهما ينعم بالحنان والثقة، ممّا يبعث فيه الميل الإيجابيّ اتجاه الآخرين، ويصبح قادراً على الاندماج في الحياة الاجتماعيّة بإيجابيّة.
– التسامح: إتاحة الفرصة للطفل بأن يشكّل مستقبله ويشبع حاجاته ويحقّق مطالبه المقبولة وكذلك ممارسة ما يميل إليه من أنشطة دون الضغط عليه، وفي هذه الحالة يتحمّل مقدّمو الرعاية سلوكيّات الطفل التي تحتاج إلى تعديل ويسعون إلى تقويمها، وبذلك فهم يتيحون أمامه فرصة الاعتماد على نفسه والاستقلال بشخصيّته.
– الاستقلال: يمنح مقدّمو الرعاية الطفل قدراً من الحريّة كي ينظّم سلوكه دون دفعه في اتجاهاتٍ محدّدة أو كفّ ميوله، من خلال قواعد وأنظمة عليه الالتزام بها وتفهّمها ويقومون في الوقت نفسه بتشجيعه على ممارستها وتزويده بمعلومات عن نتائج سلوكه، حتّى يصبح الطفل قادراً على الاعتماد على نفسه في اتخاذ قراراته وتحمّل نتائجها، ممّا يزيد من ثقته بنفسه وقدرته على حلّ المشكلات التي تواجهه.
ومن أهمّ ممارسات مقدّمي الرعاية التي تؤدي إلى هذا الشعور:
– إعطاء الطفل فرصاً للقيام بالأشياء وحده.
– منحه حريّة الاختيار واتخاذ القرار.
– المشاركة.
– تشجيع المبادرات الذاتيّة.
– إعطاؤه مسؤوليّات تناسب مرحلته العمريّة.
– نتائج الأفعال: النتائج ليست عقوبات، ولكنّها فرصٌ لتعليم الطفل الاستقلال، واتخاذ القرار وتحمّل مسؤوليّة ما يفعله، مثل أن يقوم الطفل بكسر شيء في البيت أو تخريبه فإنّ عليه الاعتذار والمساعدة في إصلاحه إن أمكن.
كيفيّة تطبيق أسلوب نتائج الأفعال من قبل مقدّمي الرعاية:
– الاتفاق على القواعد والنتائج منذ البداية حتّى يكون الطفل مدركاً لنتائج ما يفعله.
– عند تطبيق هذا الأسلوب لنوضّح للطفل لماذا نستخدمه كأن نشرح أنّ كلّ منّا يتحمّل مسؤوليّة أفعاله.
– اختيار عواقب واقعيّة.
– بمجرّد انتهاء نتيجة فعله، لنمنح الطفل فرصة لفعل شيء جديد ونمتدحه للقيام بذلك.
– المشاركة في المواقف الاجتماعيّة المختلفة: قد يدعو الوالدان الطفل للمشاركة في موقف اجتماعيّ معيّن بقصد إكسابه السلوك والقيم المصاحبة لهذا الموقف، وقد تكون المشاركة بلا دعوة ولا قصد في مناسبات الحياة المختلفة، مما يمكّن الطفل من تعلّم المشاعر المناسبة لهذه المواقف بالإضافة إلى تعلّم السلوكيّات والقيم المرغوبة.

ما فوائد اتباع أساليب إيجابيّة في تربية الطفل؟
– بناء ثقة الطفل بنفسه والاعتماد على قدراته الفرديّة والتعامل مع التحديات بشكلٍ أفضل وتحقيق النجاح في الحياة.
– التفاعل مع الآخرين بشكل صحيّ وبناء علاقات إيجابيّة، وتعزيز قدرته على التعاون وحلّ النزاعات بشكلٍ بنّاء.
– تشجيع الطفل على اتخاذ قرارات صحيحة والقيام بأفعال إيجابيّة، كما يتعلّم كيفيّة التحكّم في تفكيره وتعزيز سلوكيّاته الإيجابيّة.
– تقلّل هذه الأساليب من التوتّر والقلق وتدعم الصحة العقليّة للطفل، فيتمتّع بمزيد من السعادة والسلام الداخليّ.
وممّا سبق يمكن القول إنّ هذه الأساليب والمهارات المختلفة في التربية يتمّ تبنيها من قبل مقدّمي رعاية إيجابيين، يقومون بعمل ما يمليه عليه ضميرهم، ويجتهدون لبذل أفضل ما لديهم من أجل الطفل، ويبتعدون عن أساليب التربية العنيفة، ولا يتوقّعون امتثال طفلهم الكامل، يتمتّعون بالصبر ومدركين لمستوى طفلهم على سلّم التطوّر النمائيّ.
المراجع العربيّة:
– بلبالي، فاطيمة وعثماني، كريمة.(2022). أساليب التربية في الأسرة وأثرها على سلوك الأبناء داخل المدرسة الابتدائيّة (رسالة ماجستير). جامعة أحمد أدرار. الجزائر.
– شريف، سهام وآخرون.(2020). أساليب التربية الإيجابيّة وعلاقتها بالاتزان الانفعاليّ لدى الأبناء من طلاب جامعة 6 أكتوبر. مجلّة الدراسات التربويّة والاجتماعيّة. 26(3):147- 193.
– يونسيف.(2017). الأسرة المحضن الأساسيّ لتنشئة الطفل، دليل الرعاية الأوليّة. الهيئة السوريّة لشؤون الأسرة والسكّان. سورية.
– يونسيف.(2018). معاً نحو تربية إيجابيّة، دليل الأهل. المجلس الوطنيّ لشؤون الأسرة. الأردن.
– يونسيف.(2019). دليل التربية الأسريّة الإيجابيّة. وزارة التضامن الاجتماعيّ. مصر.
المراجع الأجنبيّة:
Rahayu,S and Nurhayati,S.(2023).implementation of Positive Parenting In Early Childhoods’ Families During The Learning From Home Program. Jurnal Simki Pedagogia. 6(2):512-519.

آلاء أحمد
دائرة الإعداد والتدريب