أهمية التفكير الإبداعي

بقلم المدرب محمد علي
( قراءة لنموذج والاس 1926   Graham wallas )
حظي الإبداع  بتعاريف عديدة جاءت كمحاولات حقيقية لوصف هذه العملية المعقدة من وجهات نظر مختلفة ولكنها متقاطعة إلى حد كبير في ما بينها  , فإذا ما نظرنا على سبيل المثال إلى تعريف (ميدنك ) الذي يرى أن الإبداع عملية مزج عناصر في قالب جديد يحقق فائدة معينة فإننا نلاحظ أن هذا التعريف يحضّنا على زيادة عدد الأدوات الحسية بين أيدي الأطفال ليستطيع الطفل إيجاد أشكال وألوان وأشياء جديدة من خلال عملية مزج وتركيب وتغيير في الوسائل التي يمتلكها , وهنا يأتي دور المربية في عملية فرز وتنويع الوسائل ووضعها بين يدي الطفل ليتسنى له ممارسة دوره على الشكل المطلوب باعتبار الطفل يتعلم عن طريق الحواس .

كذلك الأمر بالنسبة ل (بول تورانس )الذي عرف الإبداع بأنه عملية الإحساس بالمشكلات وتحديد مواطن الضعف والثغرات فيها ثم صياغة الفروض واختبار صحتها للوصول إلى النتائج , هذا يقودنا إلى الفهم التالي بأن عملية الإبداع متكاملة بين المربية والأطفال فعندما تفهم المربية مشكلات الأطفال وتكتشف نقاط القوة والضعف لديهم تستطيع تجاوز مشكلاتهم سلوكية ومعرفية كانت أم نفسية , وذلك بما تقدمه من دعم نفسي واجتماعي من خلال تواصل حقيقي مليء بالشحنات العاطفية الايجابية فالمربية بلا شك مصدر أساسي للطاقة والقوة للأطفال .كذلك الأمر لتعريف ( راند ) للإبداع الذي يرى فيه إضافة جديدة إلى معارف الإنسان , وكما لا يخفى ما قدمه (لوينفيلد ) بأن الإبداع محصلة للعلاقات الشخصية للفرد مع غيره ومحيطه .فطبيعة علاقة الطفل مع الأقران والمربية ضمن الروضة تشكل نواة حقيقية في طريق إبداعه.
كان لابد من هذا التوضيح للدخول في( نموذج والاس  ) حيث اعتبر والاس أن عملية الإبداع تمر من خلال مراحل أربعة وهي الإعداد والاحتضان والإلهام والإشراق والتحقق , واستهل كلامه في مرحلة الإعداد بأن جمع المعلومات المتعلقة بالمشكلة وفهم عناصرها ومحاولات حلها قد يفيد في فهمها بشكل أفضل والتعرف إلى جزئياتها والعلاقات التي ترتبط بتلك الجزئية فمثلا عندما تشاهد المربية قصورا في التفاعل من قبل احد الأطفال في غرفة الصف أو خارجها عليها أن تبحث لمعرفة سبب هذا القصور من خلال جمع معلومات شخصية عن الطفل وأسرته وان تحيط بكل التفاصيل المساعدة للحل .

وهنا يتطرق والاس إلى المرحلة الثانية وهي الاحتضان أي احتضان الفكرة معتبرا أن الشخص المبدع قد يكون خاملا في كثير من الأحيان وربما منعزلا ( وهذه من بعض صفات المبدعين ) ولا يظهر أي نشاط فكري يذكر , ويكون المبدع قلقا ومتوترا وه1ا ما يعرف باسم مرحلة المخاض لما يصاحبها من توترات نفسية وتقلبات مزاجية تصيب الطفل كما الراشد .
إلى أن تبدأ مرحلة الإلهام والإشراق وهي المرحلة الثالثة التي تتولد فيها الأفكار الجديدة التي تقود إلى حل المشكلة وعادة تأتي الأفكار إلى الشخص بشكل متتابع ومستمر وكأنه يوجد فرد آخر يلقنه ليصل إلى مرحلة التحقق التي يتم فيها تجريب واختبار الفكرة الجديدة التي توصل إليها المبدع , ويفضل أن يجرب كل مبدع فكرته قبل أن يعلنها هذا في عالم الكبار أما عند الأطفال فتترك الحرية للطفل ليقول ما يريد وليظهر ما أنتج فهذا سيشجعه للخلق والابتكار
في النهاية من الأهمية أن نقول بأن النقد الجارح وعدم الاهتمام والاحتضان لكل ما يقوم به الطفل سيعرضه للتراجع وبالتالي سيقلل فرص الإبداع لديه .