لماذا طفلي الصغير لا يلعب مع أقرانه؟!
إنّ للعبِ أهمية كبيرةٌ في حياةِ الطفل، إذ يُسهم إسهامًا مباشرًا في بناءِ شخصيتهِ، وبناءِ ذاته، فالطفل يدرّكُ ويتخيل، ويفكر، ويتذكر بوساطة اللعبِ، وهذا يؤدي إلى تطويرِ عمليات النمو النفسي والعقلي والجسدي, ويعد اللعب وسيلة علاجية يعتمدها المختصون لعلاج بعض الحالات المرضية (كالخوف ,والخجل, والانطوائية).
فالطفل يتميز بالحيوية والنشاط والحركة الدائمة وهذا أمر طبيعي, أما الطفل الذي لا يلعب ولا يندمج مع أقرانه هو طفل غير طبيعي يتوجب علينا فهم طبيعته والبحث عن الأسباب التي تمنعه من التفاعل مع أقرانه.
أسباب رفض الطفل اللعب مع الآخرين:
هناك أسباب عدة تمنع الطفل من اللعب والتفاعل مع أقرانه, نذكر منها:
أولاً: أسباب تتعلق بالطفل:
1-عدم وصول الطفل بعد إلى المرحلة التي ينسجم فيها مع الأطفال الآخرين, ويتعاون معهم. وفقاً لمراحل اللعب المتمثلة ب:
– اللعب الانفرادي: تبدأ منذ ولادته إلى 23 شهراً يتعلم الطفل خلالها الكثير من المهارات ,وعندئذ يكون غير مبال بالأطفال الآخرين وغير مؤهل للمشاركة , ولذلك نجده يصرخ عند اقتراب أي طفل من ألعابه.
– اللعب الموازي: تبدأ من عمر عامين إلى ثلاثة أعوام يلعب بها الطفل مع الآخرين ولكن بصورة انفرادية, ويكون كلاً منهم منشغل بألعابه.
– اللعب الترابطي: يبدأ من عمر ثلاث سنوات إلى أربع أو أكثر قليلا ًيلعب بها الطفل مع الآخرين لكن دون هدف أو تعاون.
– اللعب التعاوني: يبدأ من العام الرابع يلعب الطفل مع أقرانه ويشاركهم ألعابه, يعتمد هذا النوع من اللعب على التنظيم وقدرة الطفل على التعلم وتبادل الأفكار وتعيين الأدوار, يمنح الطفل القدرة على التطور الجسدي والشخصي, ويكسبه الكثير من المهارات الحياتية, ويمده بمفاهيم عدة مثل: (التعاون, التنظيم, وقدرة الطفل على التعلم وتبادل الأفكار, وتعيين الأدوار).
2- وجود مشكلة جسدية تجعله غير قادر على الاستجابة, (كما في حالات الإعاقات الجسدية المختلفة).
3- تعرض الطفل للعنف والضرب من قبل أحد الأطفال , أو التنمر, مما يجعله يبتعد أو ينفر من الآخرين.
ثانياً: أسباب تتعلق بالأهل منها:
– حماية الأم الزائدة : تمنع الطفل من اللعب مع أقرانه والتفاعل معهم, إذ تحرص بعض الأمهات بشكل مفرط على صحة أطفالهن وتقمن بعزل الطفل عن الآخرين, والبعض الآخر يؤخر ذهاب الطفل إلى الحضانة مما يزيد حالة الخجل والانطواء لديه.
– انشغال الأهل وكثرة مهامهم تدفع الأم في كثير من الأحيان لوضع الطفل أمام شاشات التلفاز والهواتف المحمولة لساعات طويلة, مما يؤخر مهارات اللعب والتواصل مع الآخرين لدى الطفل.
– تجاهل الطفل وعدم تخصيص وقت للتحدث واللعب معه, من الأمور التي تعيق تطور مهارات اللعب والمهارات الاجتماعية لديه,
– إصرار الأهل والضغط على الطفل ليتكلم أو ليلعب مع الأطفال الآخرين وهم بذلك يزيدون المشكلة سوءاً وتعقيداً.
بعض المعتقدات الخاطئة عن اللعب:
هناك بعض المعتقدات الخاطئة السائدة لدى الأهل حول لعب الأطفال نذكر منها:
– اللعب مضيعة للوقت: في الحقيقة أن اللعب هو استثمار للوقت لأن الطفل إذا لم يلعب بعض الوقت سيقل تركيزه واهتمامه بواجباته.
– اللعب مضيعة للجهد: بل على العكس هو تقوية لجسد الطفل وعضلاته.
-عدم اللعب رجولة : يعامل البعض الطفل على أنه رجل والحقيقة أن اللعب لا يتنافى مع الجدية وتحمل المسؤولية. بل هو من يصنع شخصية الطفل.
كيف أتعامل مع طفلي الذي لا يحب اللعب مع الآخرين:
ثمة بعض النصائح والإرشادات نذكر منها:
– فهم حاجات الطفل ونفسيته وتقبله ومساعدته للتخلص من خجله شيئاً فشيئاً , فلا نلومه ولا نوبخه.
– اختيار ألعاب جماعية تشجع الطفل على اللعب مع الآخرين والتشارك معهم, (مثل المكعبات)
– نروي للطفل قصصاً تحثه على التعاون والمشاركة وأهمية الأصدقاء .
-الاستماع للطفل وتركه يتحدث عن مخاوفه وسؤاله عن سبب رفضه اللعب مع أقرانه, لمحاولة إيجاد حلول لمشكلته.
-تشجيع الطفل ومكافئته خطوة بخطوة, وعدم إجباره على التحدث أو اللعب مع الآخرين إن لم يرغب هو في ذلك.
– اصطحاب الطفل إلى الطبيب المختص في حال وجود أي مشكلة صحية, وتقديم الدعم النفسي للطفل ومحاولة دمجه بالآخرين.
مما سبق نجد أن للعب أهمية كبيرة في حياة الطفل ولاسيما في مرحلة الطفولة المبكرة , وعلينا توفير الجو المناسب للطفل لتفريغ طاقاته وإمكانياته وبناء شخصية متوازنة لديه و تشجيعه على مشاركة الآخرين أنشطتهم واللعب معهم.
دائرة الأبحاث والدراسات
غادة أحمد
المراجع:
-العناني, حنان عبد الحميد.(2019).اللعب عند الأطفال الأسس النظرية والتطبيقية. دار الفكر للنشر والتوزيع. عمان
-أبو يوسف, محمد. (2018). اللعب التعاوني وأهميته في حياة الطفل .كلية التربية . فلسطين.
– بو زيد, عز الدين, (2019). اللعب ومراحل نمو الطفل. دار الفكر. جامعة تونس.
– محمد, عبد الرزاق. (2017), أهمية اللعب في مرحلة الطفولة المبكرة. دار الفكر للنشر والتوزيع, عمان.