الطفل ووفاة أحد الوالدين
بقلم الباحثة: أسيمة ظافر
لا يستطيع الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة استيعاب معنى كلمة “الموت” فموت أحد الوالدين بالنسبة للطفل يعتبر أكبر حدث صدمي يمكن أن يتعرض له، فمع موت أحد الوالدين يشعر الطفل بأن العالم لم يعد بعد اليوم مكانا آمنا بالنسبة له .
وغالبا يستجيب الطفل لفقدان أحد الوالدين بسلوك قد يتسم بالعصبية والصراخ , ويمكن أن تتخذ استجابته شكل اضطرابات في سلوك الأكل، أو اضطرابات في التبول أو الإخراج، كما يمكن أن ينطوي الطفل على نفسه .
وأمام هذا الحدث الصدمي الكبير يشعر الطفل بالخوف من أن يتخلي عنه الطرف المتبقي على قيد الحياة لذلك نجده دائم الالتصاق به، يطالبه وبشكل دائم بالاهتمام والرعاية.
إلا أن الأسلوب الذي يتصرف به الطرف المتبقي على قيد الحياة من الوالدين يلعب دورا بالغ الأهمية ويترك أثرا لا يمكن أن يمحى بالطريقة التي سيستجيب بها الطفل فيما بعد للمشكلات والأزمات التي ستواجهه، فكلما كان تصرفه يتسم بالوعي والحكمة كلما ترك ذلك أثرا ايجابيا داخل الطفل والعكس صحيح.
وعلى الرغم من حجم الألم الكبير الذي يشعر به الطرف المتبقي على قيد الحياة إلا أنه تترتب عليه أعباء الحفاظ على استقرار الاسرة وتماسكها والاهتمام بالطفل ومراعاة عدم قدرته على استيعاب مثل هذا الحدث الصدمي.
وهنا ينبغي الانصات للطفل, إشعاره بالأمان والطمأنينة، إشراكه في اتخاذ القرارات المهمة التي قد تتضمن تغيير مكان السكن، ومنحه الشعور بأن العالم من حوله لا يزال مكانا آمناً مليئاً بالمحبة والدفء والحنان. كل هذه الأمور وغيرها الكثير من شأنها أن تمنح الطفل القدرة على استيعاب هذا الحدث الصدمي الذي أحاط به خلال وقت قصير.
والطفل في هذه السن الصغيرة يعتقد أن المتوفى يمكن أن يعود فنراه دائم السؤال عنه وعن موعد عودته, ودائم الحديث عن تفاصيل سيفعلها مع المتوفى فور عودته. ومن هنا يتعين على الطرف المتبقي على قيد الحياة وعلى بقية الراشدين المحيطين بالطفل أن يتوخوا الدقة أثناء الإجابة عن أسئلة الطفل، ويوضحوا للطفل أن الشخص المتوفى لن يعود بعد اليوم، ولكنه يرانا ويشعر بنا ونحن قادرون على التواصل معه من خلال فعل الكثير الأعمال الحسنة والطيبة ومساعدة المحتاجين والقيام بالعديد من أفعال الخير بإسمه.