الألعاب الشعبية نكهة الطفولة بالذكريات

منذ القدم وُلِدت الألعاب الشعبيّة تزامناً مع وجود رغبة الإنسان بالمتعة والمرح، وامتدت إلى العصور الحديثة وصولاً إلى عصر التكنولوجيا السريعة والرقميات، ولعلّ أهمّ ما يميّز هذه الألعاب ارتباطها القويّ والمتين بتقاليد المجتمع وثقافته المبنيّة على الروابط الأسريّة الواحدة حيث التقاء أطفال الأسرة الممتدّة مع بعضهم البعض لتحمل في طيّاتها الفرح والسعادة وتنمية المهارات الجسديّة والعقليّة المختلفة.
وتُعرف الألعاب الشعبيّة بأنّها نشاط فنيّ قائم على الحركة والنشاط والتسلية البريئة، ووسيلة من الوسائل الهامة التي تسهم في رفع المستوى الصحيّ والبدنيّ للطفل، كما تعدّ ركيزة من ركائز التراث اللامادي الذي نقله الأجداد للأحفاد من مثل ( الحجلي-الغميضة وغيرها …..).

أهميّة الألعاب الشعبيّة:
تكمن أهميّة إحياء وممارسة الألعاب الشعبيّة في جوانب عدّة، تتضح من خلال الآتي:
أولاً- بالنسبة للمجتمع:
١. بث روح الحماس في النفس وغرس الولاء والانتماء.
٢. تنمية روح النضال والكفاح وإكساب المهارات الاجتماعيّة.
٣. تنمية قيمة التعاون وتنفيذها للمصلحة العامّة.
٤. زيادة العلاقات الاجتماعيّة.

ثانياً- بالنسبة للناحية الصحيّة:
١. تؤثّر بشكل مباشر على الأجهزة الوظيفيّة كالقلب.
٢. تزيد من السعة الحيويّة للطفل. ٣. تقوّي العضلات واكتساب الجلَد.
٤. تكسبه قدرات حركيّة ونمائيّة.

ثالثاً- بالنسبة للناحية النفسيّة:
١. تثري ذهنه بالخبرات المفيدة التي سيتذكّرها مستقبلاً.
٢. تعزّز ثقته بنفسه وتحرّره من الخوف.
٣. تزيد من الإحساس بالرضى والإشباع.
٤. تنمّي سرعة الإدراك والفهم والقدرة على التفاعل السريع.

رابعاً- بالنسبة للناحية الترويحيّة:
١. تعطي الفرصة للتخلّص من رواسب التعب النفسيّ والجسميّ.
٢. تنمّي الصفات الفرديّة وصفات الشجاعة والعدل والصبر والتسامح.

بناء على ما سبق نجد بأنّ أهميّة الألعاب الشعبيّة تأتي من كونها ألعاب تشاركيّة جماعيّة تنمّي روح العمل الجماعيّ بالنسبة للطفل والجماعة، وتقوم على تقوية قدراته الجسديّة والبدنيّة النمائيّة.

أشكال الألعاب الشعبية:
من أكثر الألعاب الشعبية شيوعاً ما يلي:
١. الألعاب التمثيليّة: وهي التي يتخيّل فيها الطفل أثناء أدائها أموراً مختلفة، فيتخيّل العصا كحصان أو يقوم بدور المعلّم أو الأب أو يتقمّص دوراً لأحد الفنّانين أو المحيطين به.
٢. الألعاب الترويحيّة الرياضيّة: وهي التي تسعى لإدخال الفرح والمرح والاستمتاع وتكسب الطفل القيم الاجتماعيّة والأخلاقيّة وتنمّي جسده وحواسه (الغميضة- الحجلي- البريك- نط الحبل – شد الحبل).
٣. الألعاب الثقافيّة: وهي التي تعكس أسلوب الطفل وحياته، ومن خلالها يحاول فهم البيئة ويدرك عناصرها ومنها (لعبة الجماد والحيوان- الألغاز- الأحجيات).
٤. الألعاب التركيبيّة: وهي التي يستخدمها الطفل في البناء والتركيب والتشكيل، ويستمدّ معظم مواردها من البيئة المحليّة مثل (الخرز- الخيوط- الطين – الرمال – الأسلاك).
ويمكن القول إنّ أهمّ ما يميّز الألعاب الشعبيّة بساطتها وتوفّر موادّها اللازمة للعب من توالف البيئة المحيطة بالطفل ( عصا- طين- حبل- حجارة- قطعة قماش).

مميّزات الألعاب الشعبية:
وتتسم الألعاب الشعبية بميزات عديدة، تتفرد بها عن غيرها من الألعاب الحديثة ويمكن إجمالها فيما يلي:
١. بسيطة وسهلة الأداء لأنّها نتاج الأطفال دون تدخّل الكبار.
٢. مرتبطة بالأهازيج الشعبيّة والأناشيد التي تتوارثها الأجيال.
٣. وجود قوانين وحدود خاصّة بها و متفق عليها مسبقاً ويلتزم الجميع فيها.
٤. اقتصاديّة ولا تكلّف الأطفال أعباءً ماديّة لممارستها حيث يقوم الأطفال بصنع الأدوات اللازمة للعبة من المواد المتاحة في البيئة التي يعيش فيها.
٥. لا تحتاج إلى ملاعب أو أماكن ذات مواصفات محدّدة.
٦. تحمل بداخلها صفة التلقائيّة ولا تتقيّد بالتعليم النمطيّ أو الرسميّ.
٧. ظاهرة طبيعيّة في حياة الطفل وتعبّر عن حاجاته.
٨. تأخذ طابع بيئيّ لأنّها نابعة من ظروف البيئة الطبيعيّة والاجتماعيّة والثقافيّة.
وهكذا يتبيّن لنا مما ذُكر بأنّها ألعاب حياتيّة وتلقائيّة مرنة قليلة التكلفة، يمكن لأيّ أسرة إعدادها و إنتاجها ووضعها بين يدَي طفلها.

لماذا نهتمّ بها؟
دواعي الاهتمام بالألعاب الشعبيّة وبنقلها إلى لأطفال كثيرة، منها:
١. إعطاء الطفل صورة حيّة عن ألعاب كان يمارسها الأجداد والآباء في طفولتهم.
٢. حماية تراث الأمة وحفظه لأنّها جزء لا يتجزأ من الموروث الثقافيّ والشعبيّ.
٣. تشارك كثيراً في نموّ الطفل الاجتماعيّ والانفعاليّ والجسميّ والعقليّ، وذلك ما لا تفعله الألعاب الحديثة.
٤. انتشار الألعاب الإلكترونيّة التي سلبت الطفل حركته ونشاطه وزادت من العدوانيّة والعنف.
٥. تتناول كثيراً من عادات المجتمع وتقاليده، وعن حياة الطفل وقيم المجتمع وأحواله الماديّة والثقافيّة.

وفي ضوء ذلك نقول: لابدّ من إعادة إحياء هذا التراث اللامادي والاهتمام بالألعاب الشعبيّة وتقديمها للأطفال ليمارسوها ويحافظوا عليها في ظلّ غزو الألعاب الإلكترونيّة والألواح الذكيّة كون الألعاب الشعبيّة من أقدم النشاطات الإنسانيّة وتعرض نماذج الحياة الاجتماعيّة التي حملها الأجداد والآباء للأحفاد ومرآة تعكس عاداتنا وتقاليدنا وموروثنا الثقافيّ والروحيّ والفكريّ.

المراجع:
* دارا، عزيز، أحلام(2011) أثر الألعاب الشعبية في تطوير بعض القدرات البدنية والحركيّة لأطفال المرحلة الابتدائيّة. مجلّة الرافدين للعلوم الرياضيّة. العراق.
* محمود، أميرة(2021). أثر استخدام الألعاب الشعبيّة لتنمية بعض المهارات الحركيّة والوعي بالجسم لطفل الروضة. مجلّة دراسات في الطفولة والتربية –جامعة أسيوط. مصر.
* نمر، غسان(2016).الألعاب الشعبيّة وعلاقتها بالمهارات الحياتيّة والحركيّة وبعض عناصر اللياقة البدنيّة. مؤتمر كليّة التربية الرياضيّة. الجامعة الأردنيّة.

 

دائرة رياض الأطفال

ملك عيسى