قصص الجن والخرافات وأثرها على الأطفال
بقلم: المدرب محمد علي
مما لاشك فيه أن القصة وما تحويه من مواقف ومعاني ورموز وما تحمله من قيم تغير في اتجاهات الطفل ونظرته لنفسه وللعالم من حوله , ذلك أنه تدخل في دائرة وعيه وتنفذ إلى لاوعيه مستحوذة على تفكيره وأدائه من خلال تخيله للأحداث وتشربه لها وتقمصه إياها .
فهل تؤدي قصص الجن والخرافات إلى توسيع قدرة التخيل لدى الطفل وبالتالي تنعكس على إبداعه بشكل فعال أم أنها تأخذه في مسالك وطرق غير محمودة العواقب ؟
هذا السؤال حير الكثيرين , فنرى الإجابة عليه بين مؤيد ومتخوف من الإجابة ,لذا كان لابد من استعراض أدب الأطفال تاريخيا للوصول إلى النتيجة وهي أن التطور البشري والتاريخي والمعرفي شابه الكثير من الحدس والتخمين لتفسير ظواهر الكون , وقد تجلى ذلك بوضوح في القصص والحكايات الشعبية , ونستطيع أن نؤكد المبالغة الكبيرة في تفسير الأحداث وفي التنبؤ بأشياء غير واقعية بالاستناد إلى الأساطير تارة وبالرجوع إلى الموروث الشعبي تارة أخرى ,
ونحن هنا لا ننكر وجود الجن كحقيقة مؤكدة ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) , ولكن التوظيف لهذه القضية من قبل الأهل أو المجتمع وما يحمله هذا الاستثمار في بناء أوهام ونسج أفكار لا تمت إلى الحقيقة بصلة بالإضافة إلى الأساليب التي تطرح بها هذه القصص وما تحمله من ترهيب وتخويف والمتمثل بقول الأم أو المربية أو أي شخص آخر للطفل
( إما أن تلتزم أو تنفذ أو ….. وإما أن أنادي للجنية التي تأتي وتأخذك أو تضربك أو ……), وهذا يقض مضاجع الأطفال ويملأ عالمهم بالهواجس والمخاوف وخاصة في الليل قبل الذهاب إلى النوم أو أثناء النوم .
كذلك الأمر أن مضامين الكثير من هذه القصص حاكى الحياة الاجتماعية والسياسية والجنسية بشكل مبطن والتي ولم يراعي القفزات النمائية والتطور الروحي والنفسي لدى الطفل وخاصة في أواخر القرن العشرين كالقصص التي كانت تتكلم عن الذئاب آكلة اللحوم و التي تجول في الغابات والمجتمعات الإقطاعية .
لا يخفى على أحد أن شكل هذا الأدب وهذه القصص ارتبط أيضا بالمرأة وسميت هذه القصص قصص نسويه بالمعنى الحرفي للكلمة لأنه كما هو معلوم سابقا أن الأدب المكتوب والمدون كان نتاج للرجال بصورة شبه كاملة , ولكن اختراع القصص وتداولها كان يجري بين النساء فإذا ما لاحظنا الكتاب الأصلي للأخوين غريم وهو من قصص الأطفال والأسرة نرى أن هناك إحدى وستون امرأة وفتاة لهن قدرات سحرية مقابل واحد وعشرين من الرجال والفتيات , وهؤلاء الذكور هم أقزام من العفاريت وليسوا بشرا , لذلك وجب علينا الانتباه أن كثيرا من القصص الشعبية وقصص الجن تحمل في طياتها كل أنواع التشويش التي تحيط بأدب الأطفال بصورة عامة ومؤشر فعال على جوانب قوته وأخطاره التي تقيد الأطفال وتبني الأوهام والخوف بدلا من النهوض بالإبداع والتخيل .