كيف أعزز ثقافة الامتنان عند طفلي؟

الامتنان فضيلة يمكن أن تسهم في العيش بشكل جيد, وهو انفعال أخلاقي ينبع من الإدراك بأن الفرد قد استفاد بسبب أعمال فرد آخر, وبالامتنان يصبح الناس جنباً إلى جنب في مواجهة المحن بسبب القوة الانفعالية التي يمنحهم إياها الامتنان. وتستمر الرحلة مع الطفل لإكسابه القلب الشاكر الممتن القادر على رؤية النعم والأفضال, وذلك بوساطة سلوكنا تجاهه وملاحظته لتكرار ذلك السلوك الذي يجعله سعيداً شاكراً وممتنا,ً ورغبته في رد الجميل, وتقديم مشاعر الاحترام والمودة .

عرّف (واتكنز) الامتنان: سمة تجعل الفرد على استعداد للاعتراف بحصوله على شيء جيد أو منفعة قدمت له من قبل فرد آخر, ويتجسد ذلك في حدوث شيء إيجابي له, أو غياب أحداث سلبية متوقع حدوثها.

الدوافع التي تعزز ثقافة الامتنان عند الطفل:

هناك مجموعة من الدوافع التي تخلق شعور الامتنان عند الطفل منها: السعادة والنجاح والتفاؤل والاطمئنان والرفاهية, وقد أشارت الدراسات  إلى أن نجاح الطفل يولد لديه عاطفة إيجابية, فالأطفال السعداء والناجحون يتمتعون بعلاقات اجتماعية ناجحة دائماً.

فالسعادة هي شعور الطفل بالنشوة عند إدراكه قيمة ما يفعله, وهي شعور بالبهجة والرضا وتحقيق الذات واللذة والاستمتاع, فالتعبير عن الامتنان يُشعر الطفل بالسعادة ويجعله أقل عرضة للاكتئاب والعدائية والعصبية.

كما أن تقديم عبارات الشكر للطفل والتي يحصل عليها من الآخرين عند قيامه بعمل جيد, تحفز لديه حب الأعمال التي أنجزها.

والامتنان المعنوي مثل الشكر والمديح أفضل بكثير من تقديم الأشياء المادية, لأن تقديم مشاعر الحب للطفل له تأثير عميق في شخصيته, ويحفزه بدرجة كبيرة على الاستمرار في تقديم الخدمات لنفسه وللآخرين, ويرى الخبير في علم النفس الإيجابي (جيمس راي) أن لكلمة الشكر والامتنان قوة كبيرة جداً على الدماغ, فقول الشخص كلمة شكراً للطفل تعطيه طاقة عقلية كبيرة وتجعله يشعر بقوة داخله تحفزه للقيام بالأعمال الخيرية والإبداعية والمنتجة.

كما يلاحظ علماء النفس أن تربية الطفل على الامتنان يعني أكثر بكثير من مجرد قول كلمة (شكراً), حيث أنه يتطلب منه استخدام مجموعة من المهارات الاجتماعية والعاطفية حتى تتم تأديته بالشكل المطلوب, وفيما يلي سنعرض بعض الاستراتيجيات التي تعزز ثقافة الامتنان عند الطفل منها:

أولاً: القدوة والنموذج في تعليم الامتنان:

نحن نقدم مخططاً لأولادنا لما يجب قوله وما يجب القيام به, من خلال تصرفاتنا وردود أفعالنا. إن التعبير عن الامتنان من خلال الكلمات والكتابة والهدايا الصغيرة كلها طرائق لتعليم الأطفال كيفية أن يصبحوا ممتنين. لذلك احرص على جعل تقديرك للخير في حياتك أكثر علنية.

ثانياً: عالم الحب الوالدي:

إن إعطاء الطفل الوقت الكافي والنوعي مع الوالدين يعلمه لغة الحب، لذا احرص على التقاط اللحظات العاطفية التي تعبر فيها عن حبك لطفلك بهدوء وعمق وصدق. أمسك بكلتا يديه وقل له بهدوء (أ ح ب ك) بتهجئة تجعله يستشعرها حرفاً حرفاً وتنغرس في عمق قلبه.إن أعظم هدية في الحياة تقدمها لطفلك هو أن تجعله يتذوق اللحظات العاطفية معك، وأثناء ذلك حاول أن تركز معه ولا تنشغل عنه، أبعد الهاتف الذكي الخاص بك وامنحه الانتباه الذي يساعدك على تأكيد التعاطف مع الطفل، وهذا سيعطيك أنت وطفلك شعوراً متزايداً بالتقدير للأشياء التي تحبها ولعلاقتك به.

ثالثاً: ادعم استقلالية طفلك:

إن هذا من شأنه أن يعزز العلاقات الأسرية، وتحسين الجو في المنزل، ويساعد على إبراز نقاط قوتهم ومواهبهم، وكلها أمور جيدة لجعل الأطفال ممتنين. فمن خلال تولي الأطفال زمام مهاراتهم ومواهبهم ومسؤولية تطويرها، يكتسب الأطفال أشياء يقدرونها في الحياة, ويكسبون جذب الدعم من الآخرين، وبالتالي يجلبون الامتنان إلى حياتهم اليومية. شجعه على الإبحار لكن تأكد من وجود المرافئ وإشارات العودة والأمان.

رابعاً: استخدام نقاط القوة للأطفال لتغذية الامتنان:

بعد تحديد نقاط القوة عند أطفالك يجب عليك تشجيعهم ومساعدتهم على استخدام نقاط القوة هذه كلما أمكن ذلك, وهذا يمكّن أطفالك أيضاً من تعزيز قدرتهم على أن يكونوا مفيدين ومتعاونين تجاه الآخرين، مما يجعلهم أكثر امتناناً.

عندما يمد الأطفال يد العون، خاصة أثناء استخدام نقاط قوتهم، فإنهم يشعرون بأنهم أكثر ارتباطاً بأولئك الذين يساعدونهم، مما يساعدهم على تطوير ورعاية الصداقات والعلاقات الاجتماعية.

خامساً: معرض الامتنان:

خصص لوحة في المنزل ليلصق عليها طفلك لواصق توثق لحظات امتنانه اليومية (لحظات الصباح مع الشعور بالصحة – الطعام الشهي- اللباس – الحديث مع الوالدين -توفر لعبة…..) هذا سيساعده فعلياً على استشعار النعم من حوله.

خصائص الطفل الممتن:

بحث علماء النفس في خصائص الطفل الممتن, ووجدوا أن الطفل الممتن أقل أنانية وأكثر ميلاً نحو الاهتمام بالآخرين والتعاطف معهم, ويبذل مزيداً من الجهد والوقت للمساعدة, ويتصف بالصدق.

وفيما يلي سنعرض بعض خصائص الطفل الممتن:

  1. الشعور بالوفرة والرخاء: الطفل الممتن يشعر بأن الحياة وفرت له ما يريد من مواقف عادلة معه, وأنه حصل على ما يستحق من منافع ولديه رضا عن الحياة وشعور بالنعمة.
  2. تقدير المتع البسيطة: شعور الطفل بتقدير كبير للمتع البسيطة من قبيل الاستمتاع اليومي غير المكلف كالاستمتاع بالطبيعة’ فالطفل هنا يضخم الخير الذي هو فيه ويلاحظه أكثر من غيره.
  3. تقدير الآخرين أو التقدير الاجتماعي: شعور الطفل بتقدير الآخرين, وتثمين ما فعلوه من خير تجاهه.
  4. يفسر المواقف السلبية بطريقة إيجابية: على سبيل المثال بعد أن يقع الطفل بسبب ركوبه الدراجة يفكر كم هو محظوظ لأنه لم يصب بضرر ويشعر بالامتنان.
  5. يحصل على نوم أفضل: كلما قلت الأفكار السلبية يصبح الخلود إلى النوم أكثر سهولة ويسر, ولا يظل مستيقظاً قلقاً يفكر في كل ما مر من أحداث سيئة في ذلك اليوم.
  6. الطفل الممتن يبني صداقات أفضل: أظهرت الدراسات أن الطفل الذي يقر بشعور الامتنان يتمتع بقدرة أكبر على بناء صداقات جيدة, فعندما يشكر الطفل شخصاً ما قدم له المساعدة يصبح هذا الشخص أكثر ميلاً لمساعدة الطفل وهذه الصداقات مفيدة للصحة, فالطفل الذي يحصل على دعم اجتماعي يتمتع بجهاز مناعي أقوى مما يجعل جسمه مقاوماً للأمراض بصورة أكثر فاعلية.

كيف يعبر الطفل عن الامتنان؟

يعبر الطفل عن الامتنان بوساطة مجموعة من السلوكيات منها:

  • يكتب قائمة تتضمن الأشياء التي يشعر بالامتنان تجاهها.
  • يكتب عبارات الشكر والمودة على بطاقات صغيرة.
  • يكتب رسالة إلى الشخص الذي أسعده يشكره على الهدية التي قدمها له.
  • يركز على الأعمال التي أنجزها ولاقت استحساناً من قبل الآخرين.
  • يعطي الوعود بشأن رد الجميل للآخرين.

ختاماً يمكنا القول: إن الامتنان كلمة تشير إلى الاعتراف بجميل الآخرين, وشكرهم على ما قدموه لنا من عمل أو خدمة أو خير, وهو أساس الفضائل الإنسانية جميعها والذي يدعونا للعيش بسلام في المجتمع.

المراجع:

  1. البيضاوي, آلاء هادي خريبط. (2020).الامتنان وعلاقته بجودة الحياة لدى أعضاء الهيئات التدريسية في المدارس الثانوية (رسالة ماجستير). جامعة القادسية. الأردن.
  2. عبابنة, كوكب يوسف. (2015). الامتنان والسعادة وجودة الحياة لدى طلبة جامعة اليرموك في ضوء بعض المتغيرات (رسالة ماجستير غير منشورة). جامعة اليرموك. الأردن.
  3. عبد العظيم, إيمان محمد. (2020). البنية العاملية والخصائص السيكومترية لمقياس الامتنان لدى طلاب الجامعة (رسالة ماجستير). جامعة عين شمس. مصر.
  4. العبودي, طارق محمد. (2015). علم النفس الإيجابي رؤيا معاصرة.ط1. الكاظمية المقدسة. العراق.

المراجع الأجنبية:

Watkins.(2014).Gratitude and the good life. Toward apsycology of appreciation. New-York. Springer.