الصداقة في حياة الطفل

تُعدّ الصداقة أولى رحلات أولادنا الخياليّة خارج عشّ الأسرة لأنّها تنقلهم إلى مكان آخر، و تلعب دوراً هامّاً في بناء شخصّيته وتطويرها، وتمّهد الطريق لتكوين علاقات صحّية ومستدامة في مراحل حياتهم المستقبليّة.
أهمّية الصداقة في حياة الطفل:
• الشعور بالانتماء: تُساعد الصداقة الطفل على الشعور بالانتماء إلى مجموعة، فهو بحاجة لتقوية الأنا الداخليّة، أو للتأكّد من أنّه جذّاب ومرغوب، وعند إشباع رغبته هذه، تتعزّز ثقته بنفسه من خلال دعم الأصدقاء وقبولهم، كما يتطوّر لديه شعور إيجابيّ بالذات ويكتسب ثقة في قدراته.
• تطوير مهارات التفاوض والتعاون: تُساعد الصداقة الطفل على إدراك أهميّة التعاون والتفاوض، حيث يتعلّم كيف يشارك ألعابه بروح رياضيّة، وكيف يتعاون لحلّ المشاكل التي قد تنشأ بينه وبين أصدقائه.
• تعزيز القيم الاجتماعيّة: تُعَدُّ الصداقة مدرسة للقيم الاجتماعيّة، إذ يتعلّم الطفل مهارات التواصل و قواعد الاحترام والصداقة وكيفيّة التعاطف مع مشاعر الآخرين.
• تحفيز التنوّع الاجتماعيّ: من خلال الصداقات المتنوّعة يتعلّم الطفل كيفيّة التعامل مع الأشخاص الذين يأتون من خلفيّات وثقافات مختلفة، ممّا يسهم في فهمه للعالم مستقبلاً.
• تعزيز التنمية اللغويّة: يطوّر الطفل مهارات التحدّث والاستماع، و يتعلّم كيفيّة التعبير عن أفكاره ومشاعره، ممّا يسهم في تحسين لغته وقدرته على التواصل.
• التعبير عن المشاعر: التعبير عن مشاعره ومشاركة أفكاره مع شخص يثق به ويدعمه عاطفيّاً ممّا يسهم في تقليل مستويات الإجهاد وتعزيز السعادة وصولاً إلى صحّة عقليّة سليمة.
متى تبدأ الصداقة في مرحلة الطفولة المبكّرة؟
1. من سنتين إلى ست سنوات: تبدأ الصداقات في هذه المرحلة بالظهور بشكل بدائيّ، إذ لا يُحدّد من هو الصديق الذي يريده ، وعادة ما تكون هذه الصداقات قصيرة الأجل ولا تدوم طويلاً، ولكنّها ضروريّة لاكتساب الخبرة، وعلى الآباء أن يساعدوه ويشجعوه على تخطّي مشكلة المبادرة الأولى وتجاوز هذه العقبة.
2. من سبع سنوات إلى ثمان سنوات : تصبح الصداقات أكثر تعقيداً في هذه المرحلة، حيث يبدأ الطفل بإدراك مفهوم الصداقة بشكل أفضل، وانتقاء صديقه المفضّل من بين أفراد مجموعته، وعادة ما يكون هذا الصديق من الذين يشاركونه اهتماماته وهواياته .
ماهي أسباب عدم امتلاك الطفل للأصدقاء؟
توجد أسباب عديدة قد تمنع الطفل من تكوين الصداقات منها:
 الخجل: يمنع الخجل الطفل من التعرّف إلى الأطفال وتكوين الصداقات، إذ أنّنا دائماً ما نجد الطفل الخجول لا يتفاعل مع أقرانه، وغير مبادر.
 المهارات الاجتماعيّة: يفتقر الطفل إلى المهارات الاجتماعيّة، كإلقاء التحية، واحترام الآخر، والاستماع له، واحترام الدور في الحديث.
 عدم الثقة بالنفس: يعاني الطفل من عدم الثقة لسبب ما، ربّما بسبب أسلوب التربية من قبل الأهل (التوبيخ الدائم….)، ممّا يؤثّر سلباً في تفاعله مع الآخرين وثقته بنفسه.
 العدائيّة: يعاني الطفل العدائيّ والأنانيّ من صعوبة تكوين الصداقات، إضافةً إلى كسب محبّة أقرانه.
نصائح لمقدّمي الرعاية لتعزيز صداقات أطفالهم:
1. ترك الحريّة للطفل لاختيار الصديق مع مراقبته للاطمئنان.
2. التشجيع على تكوين الصداقات، فهي مهمّة جدّاً في حياة الطفل وتكوين شخصيّته ونموّ قدراته ومهاراته وتحسين نفسيّته وتعزيز ثقته بنفسه.
3. الحرص على المشاركة في عدّة أنشطة اجتماعيّة.
4. إفساح المجال للطفل ليختار أصدقاء يتشاركون معه اهتماماته وهواياته، ويشعر بثقته بنفسه دون الحاجة للمساعدة.
5. مشاركة الطفل بعض النصائح، وتعليمه كيف يقدّم ثقافة الاعتذار إذا كان هو المخطئ، والتحدّث إليه عمّا حدث ودعمه نفسيّاً.
6. تعليم الطفل مهارات التواصل الاجتماعيّ منذ الصغر (المبادرة، إلقاء التحية، الاعتذار…).
7. تعليم الطفل تقبّل اختلاف أقرانه عنه، وألّا يجعل هذا الاختلاف سبباً لعدم صداقتهم والابتعاد عنهم.
8. القدوة في تكوين الصداقات والتعامل بلطف ورحابة صدر مع الآخرين.
9. مدح الطفل والثناء على كونه محبوباً وناجحاً في تكوين الصداقات.
10. عدم مقارنة الطفل بغيره، واحترام خصوصيّته، فإن كان بعض الأطفال يمتلكون عشرات الأصدقاء، فليس بالضرورة أن يمتلك الطفل هذا العدد، فلكلّ طفل شخصيّته.
11. شرح صفات الصديق الجيّد حتّى يعرف كيف يختار صديقه.
12. دعم الطفل نفسيّاً في حال تعرُّضه للرفض أو التخلّي من أحد أصدقائه، وإشعاره أنّه أمر طبيعي، وأنّه مازال لديه أصدقاء، وسيتعرّف إلى أصدقاء جدد.
13. مراقبة تعامل الطفل مع أصدقائه كيف يتعامل، وماهي ردّات فعله وذلك لاكتشاف شخصيّته ونقاط ضعفه وقوته.
14. تجنّب الضغط على الطفل إذا كان خجولاً، ومنحه الوقت الكافي حتّى يتخلّص من خجله، وتشجيعه على تكوين الصداقات.
وفي ضوء ما سبق نؤكد على أهمية الصداقة لأهميتها في تنمية شخصية الطفل ومكنوناتها، وهي تفتح للطفل آفاقاً جديدة، وتساهم في تطوره العقلي عبر نمو المنطق والحجة لديه.
إضافة إلى أهمية دور الأهل في فتح المجال للطفل في التعرف إلى من يريد وتكوين الصداقات، ولكن تحت إشرافهم ومتابعتهم وتقديم النصح له، وأخيراً لابد من أن ننوه إلى أهمية أن نكون أصدقاء لأطفالن
المراجع :
1. العجارمة، نواف العقيل.2022م . نصائح الأبوّة والأمومة لمساعدة الأطفال على تكوين صداقات مفيدة. نشرة تربوية تصدر عن إدارة التعليم /مديرية الطفولة. الأردن.
2. محمود، ضحى عادل. 2015. أثر برنامج ارشادي في تنمية مهارات الصداقة لدى الأطفال الانطوائيين. بحث مجلة جامعة البنات. بغداد.
3. الخضراء، عبد العزيز. كيف تبدأ رحلة تكوين الصداقات عند الأطفال؟23/12/2017م
https://alghad.com/story/244922
4. معصراني ، لاريسا. عندما يجد نفسه محاطاً بأطفال من عمره.. ما تأثير الصداقات المدرسية عليه؟ 27/9/2021م. https://aja.me/orj8n3
5. هيئة التحرير. الصداقة والطفل: لماذا يحتاج الطفل إلى الأصدقاء؟4/1/2022م https://ila.io/406mW

سماح السلطي
دائرة الأبحاث والدراسات