الطفولة في عصر الذكاء الاصطناعيّ AI

تعدّ الطفولة من أهم مراحل حياة الإنسان، فهي مرحلة النموّ والتعلّم السريع، تتشكّل فيها شخصيّة الإنسان ومهاراته وقدراته، وفي ظل التطوّر التكنولوجي المتسارع أصبح الذكاء الاصطناعيّ (AI) جزءاً لا يتجزأ من حياة الأطفال، فهم يتعرّضون له في مجالاتٍ عديدة كالتعليم والترفيه والرعاية الصحيّة وغيرها، ويتفاعلون مع تقنياته بطرقٍ مختلفة.
ماذا نعني بالذكاء الاصطناعيّ (AI)؟
“يشير مفهوم الذكاء الاصطناعيّ (AI) إلى النظم القائمة على الآلة، والتي يمكنها من خلال مجموعة من الأهداف التي يحدّدها الإنسان إجراء تنبؤات أو قرارات تؤثّر على بيئات حقيقيّة أو افتراضيّة”، تتفاعل هذه النظم معنا وتؤثّر على أجيال الأطفال الحالية والمقبلة، فهل تدعم هذه النظم حقوق الطفل؟
نظم الذكاء الاصطناعيّ (AI) وعلاقتها بحقوق الطفل:
يمكن لنظم الذكاء الاصطناعيّ (AI) إعمال حقوق الطفل أو تقويضها وفقاً لكيفيّة استخدامها، وذلك من خلال مناظير ثلاثة ألّا وهي الحماية والإمداد والمشاركة؛ حيث يتضمّن منظور الحماية حقوق الحماية من التمييز وسوء المعاملة وأشكال الاستغلال جميعها، والحقّ في الخصوصية، وبالتالي حماية البيانات الشخصيّة للطفل. ويشمل الإمداد الحقّ في الحصول على الخدمات والمهارات والمواد اللازمة لضمان بقاء الطفل ونمائه لتحقيق أقصى إمكاناته، بموجب مبدأ تكافؤ الفرص كي يحصل كلّ طفل على فرصةٍ عادلة ويتجلّى ذلك في حقّه في الرعاية الصحيّة والتعليم واللعب، و قد أشارت دراسة (عبد العظيم وحمدي،2015) إلى دور مقدّمي الرعاية في إعمال حقّ الطفل من خلال اكسابه المهارات والقيم المختلفة التي تيسّر له التعلّم في هذا العصر الرقميّ ومنها التعلّم بالتجريب والاستكشاف والتعلّم الذاتي، حيث يمكن استخدام تقنيات مختلفة مثلChat GPT والتي تساعد على إنشاء خطط للدروس والأنشطة، ومحفّزات تثير التفكير ممّا يشجّع الطفل على المشاركة في العمليّة التعليميّة على اختلاف قدراته ومستواه المعرفيّ، كما يستطيع الذكاء الاصطناعيّ (AI) أيضاً تحليل بيانات أداء الطفل أثناء تعلّمه لتحديد المجالات التي قد يعاني فيها وتقديم الدعم أو موارد إضافيّة له.
وتشمل المشاركة حقّ الطفل في التعبير عن رأيه بحريّة في الأمور التي تمسّه جميعها والاعتراف به كفرد يتمتّع بالكرامة والاستقلاليّة، ولتحقيق هذا الدعم أوصت اليونيسف الحكومات وواضعي السياسات التي تطوّر نظم الذكاء الاصطناعيّ (AI) باستيفاء متطلّبات الذكاء الاصطناعي (AI) والتي تنطلق من دعم وتعزيز أهداف التنمية المستدامة بما يحقّق النهوض بنماء الأطفال ورفاههم وضمان تحقيق شمول يضم جميع الأطفال وضمان سلامتهم وحماية بياناتهم وخصوصيّتهم، وصولاً إلى إعدادهم للتطوّرات الحاليّة والمستقبليّة.
بناءً على ما تمّ ذكره هل بإمكاننا اعتبار الذكاء الاصطناعي (AI) فرصاً أم مخاطر؟
تقول أودي أزولاي المديرة العامّة لليونسكو إنّه” يمكن للذكاء الاصطناعيّ (AI) أن يساعد البشريّة على تجاوز عدد كبير من المشاكل الاجتماعيّة الخطيرة التي تواجهها لكنّه يُطلق في الآن نفسه جملة من التحديات المعقّدة بالخصوص على صعيد الأخلاق، وحقوق الإنسان والأمن”، كما أشار التقرير التجميعيّ لمنتدى اليونسكو الدوليّ حول الذكاء الاصطناعيّ (AI) إلى “أنّ مواطني العالم بحاجة فهم الأثر المحتمل للذكاء الاصطناعيّ(AI)، ومتى يكون مفيداً ومتى يجب التشكيك في استخدامه، وكيف يمكن توجيهه من أجل الصالح العام”.
إنّ نظم الذكاء الاصطناعيّ (AI) تبشّر بالخير في تحسين الفرص التعليميّة للطفل وتنمّي لديه مهارات التعاون وتطوير التفكير النقدي ومهارات حلّ المشكلات، كما يمكن لمنصات التعلّم التكيفيّة القدرة على توفير خبرات تعليميّة مخصّصة لتلبية الاحتياجات الفريدة لكلّ مستخدم عند دمجها مع طرائق التدريس التقليديّة، حيث يمكن أن يكون هذا التدريس الذكي مفيداً للطفل الذي يعاني من صعوباتٍ في التعلّم، كما يمكن للتقدّم المُحرز في تقنية الذكاء الاصطناعيّ (AI) دعم من يعاني من إعاقات سمعيّة في التعامل مع العالم من حوله بسهولةٍ أكبر، بالإضافة إلى ذلك تُقدّم الألعاب التفاعليّة وروبوتات الدردشة منافذ جديدة للطفل للتعبير عن نفسه وتنمية تفكيره الإبداعيّ، وهي مهارات تكثر الحاجة إليها في عصر الذكاء الاصطناعيّ (AI) حيث يمكن لأنشطة الألعاب باستخدام الروبوتات الاجتماعيّة مساعدة الصغار على تعلّم قراءة القصص وزيادة مفرداتهم ورسم الصور أيضاً، كما تستطيع بعض الروبوتات تنفيذ أسلوب التعلّم البدائيّ مع الطفل حيث تستطيع قراءة وفهم تفاعله وعمل حركات وإيماءات يقوم الطفل بتقليدها فتساعده على التعلّم والتفاعل البصريّ اللغويّ، ومن هنا تبرز الحاجة لإعداد مواطني المستقبل بالمهارات الأساسيّة والكفاءات اللازمة للبقاء في مجتمع متغيّر بسرعة كبيرة.
وفي الاتجاه المغاير فقد تصاعد التخوّف، ممّا قد يترتّب على تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ (AI) من سلوكيّات وممارسات ترتبط بالأخلاقيّات والقيم البشريّة كالمخاطر التي تتعلّق بأمن الطفل وخصوصيته، وكذلك المخاطر التي قد تودي بالطفل إلى الانعزال حيث يفضّل قضاء أغلب وقته مع الأجهزة الإلكترونيّة بدلاً من قضاء وقته مع عائلته، وتسبّب له المشاكل الصحيّة والنفسيّة في بعض الأحيان نتيجة الاستخدام المغلوط لتلك التطبيقات، فقضاء الطفل لساعات أمام شاشات الهواتف الذكيّة تعرّضه للأشعة المنبعثة منها ممّا يؤدّي إلي ضعف النظر وتحسّس العين، هذا بالإضافة إلى أنّ الطفل قد يتعرّض لمحتوى غير لائق لعمره فهو لا يدرك كيفيّة التمييز بين ما هو صحيح ومغلوط ممّا يؤثّر بالطبع في سلوكياته، وهذا ما يحتّم علينا كمقدّمي رعاية مساعدة الطفل لتجنّب هذه المخاطر.
ما واجبنا كمقدّمي رعاية تجاه مساعدة أطفالنا في مجال الاستخدام الأمثل لنظم الذكاء الاصطناعيّ(AI)؟
يكمن واجبنا بالآتي:
– مساعدة الطفل على اكتساب مهارة التعلّم الذاتيّ والتفكير الابتكاريّ والإبداعيّ.
– معرفة نوعيّة البرامج والألعاب الإلكترونيّة والمجالات الإلكترونيّة التي يجب على الطفل اكتسابها والاطلاع عليها.
– اختيار أدوات الذكاء الاصطناعيّ (AI) وتطبيقاته المناسبة للفئة العمريّة، مع التأكّد من أنّها تدعم مراحل النمو وأهداف التعلّم.
– المراقبة النشطة والإشراف حيث تبقى تدخّلات الذكاء الاصطناعيّ (AI) جزءاً مفيداً من تجربة تعلّم الطفل.
– تحديد وقت مخصص لاستخدام الطفل لتطبيقات الذكاء الاصطناعيّ (AI) استخداماً مفيداً ينمّي فيه مهاراته.
وفي الختام لا بدّ أن نعي بأنّ تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ (AI) لا تخرج عن كونها من الوسائل المهمّة في تعليم مواطني المستقبل وبأنّه ليس بديلاً عن الإنسان بل جاء لمساعدته في مواجهة تحديات الحياة وداعماً لقدراته الإبداعيّة.

 

آلاء أحمد

دائرة الإعداد والتدريب

 

المراجع العربيّة:
– سالم، فاطمة.(2021). تصوّر مقترح لتفعيل دور معلّمة الروضة في تنمية التكنولوجيا الرقميّة للطفل في ظلّ الأزمات المعاصرة. مجلّة جامعة جنوب الوادي الدوليّة للعلوم التربويّة. (7): 476- 510.
– عبد العظيم، صبري وحمدي، أحمد.(2015). المؤسسة التعليميّة ودورها في إعداد القائد الصغير. المجموعة العربيّة للتدريب والنشر. القاهرة.
– محمد، مرفت.(2023). تصوّر مقترح لتفعيل أداة Chat GPT لرفع الأداء التعليميّ لدى معلّمات رياض الأطفال. مجلّة الطفولة. (44): 1930-1951.
– مشعل، مروة والعيد، نداء.(2023). واقع توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ في مرحلة الطفولة المبكّرة من وجهة نظر المعلّمات بمحافظة شقراء بالمملكة العربيّة السعوديّة. مجلّة التربية. 3(198):434-478.
– يونسكو.(2018). الذكاء الاصطناعيّ وعود وتهديدات. رسالة اليونسكو. (3): 1-70.
– يونسكو.(2022). مناهج الذكاء الاصطناعيّ من مرحلة رياض الأطفال حتّى الصف الثاني عشر
(K-12AI)، مخطّط لمناهج الذكاء الاصطناعيّ المتعدّدة من الحكومة. فرنسا.
– يونيسف.(2021). توجيهات السياسات بشأن الذكاء الاصطناعيّ للأطفال. مكتب الرؤية والسياسات العالميّة.
المراجع الأجنبيّة:
-Ferlazzo, L. (2023). 19 Ways to Use Chat GPT in Your Classroom. Retrieved: https://www.edweek.org/teaching-learning/opinion-19-ways
to use Chat GPT in your classroom/2023/.
-Tuomi,I.(2018). The Impact of Artificial Intelligence on Learning, Teaching, and Education. Publications Office of the European Union. Luxembourg.