الإبداع والتفكير الإبداعي عند الأطفال

بقلم المدرب محمد عبد اللطيف علي
لا شك أن التفكير ملكة مقتصرة على الموجود البشري , فهو يقود الإنسان بشكل أو بآخر إلى عواقب ونتائج محمودة بما ينعكس على مجمل حياته النفسية والاجتماعية وبالتالي على صحته ككائن وعلى نمائه وتطوره الروحي والمعرفي.
فكيف وان كان هذا التفكير خلاقا ومنطقيا وحاملا سمة الإبداع ؟ فما هو الإبداع والتفكير الإبداعي ؟

يمكننا القول أن الإبداع: ظاهرة إنسانية موجودة لدى كل البشر على إختلافهم , والتفاوت الحاصل هو في نسبة الكم الإبداعي بين شخص وآخر وفي إمكانية تنمية الكمون الإبداعي الذي يعتبر بمثابة الطاقة والمقدرة العقلية الخام عند الطفل.
التفكير الإبداعي : ينظر إليه  بأنه سلوك عقلي أي أن الدائرة الكلية التي يتحرك فيها هذا السلوك مبنية على العقل لاغير , فمن العقل تكون قوته وبدايته ونهايته .

سمات التفكير الإبداعي :
يعد التنوع والتعدد والتشعب والتعقيد من السمات الأساسية والجوهرية للتفكير الإبداعي , فهو متعدد الاتجاهات حيث يؤدي إلى توليد أكثر من فكرة وأكثر من إجابة عن مشكلة معينة
كما يتميز بأنه عام وشامل ومتشابك ,لإنه ينطوي على عناصر معرفية وأخلاقية وإنفعالية متداخلة تشكل حالة ذهنية فريدة .
إذن التفكير الإبداعي بالمحصلة عملية ذهنية يستخدمها الأطفال ككل إنسان للوصول الى الأفكار الجديدة والرؤى المتجددة والتي تؤدي بطبيعتها إلى الدمج والتأليف وتشكيل الروابط بين الأشياء والتي قد تبدو بدورها بعيدة وغير مترابطة .
لذلك من أساسيات النهوض بالكمون الإبداعي والطاقة الإبداعية هو النشاط والفعالية , ومن هنا ينظر الى الإبداع على أنه نشاط عقلي يتميزبقدرة الأفراد على إنتاج تعبيرات وأشياء وأفكار تتميز  بالجدة والأصالة والحداثة .
كيف نستطيع تنمية الإبداع عند أطفالنا ؟
أولاً: وقبل كل شيء بإعطاء الطفل مساحة من الحرية للتخيل , فالإنتاج الابداعي غالبا ما يكون مصحوبا بالتخيل وبالقدرة على رؤية الأشياء بأشكال مختلفة ومن زوايا متعددة .
ثانياً: ومن ثم المرونة والإسترخاء الذهني , حيث تلعب البيئة الأسرية المعززة والمنفتحة والتي تشجع الطفل على الأداء الحسن والمميز , وتقوم بتهيئة عوامل الإبداع كوجود الألعاب المتنوعة من مكعبات وأحجيات ليتمكن الطفل من ممارسة فن الفك والتركيب وبناء الأشكال المختلفة مستخدما القدرة التخيلية لديه في رسم عشرات الأشكال والأحجام معتمدا على المحاولات المتكررة .
وجود الأوراق بأنواعها والألوان بين يدي الطفل ليرسم ويغير ويبدل ويلاحظ ويقلد كل هذا سيسهم في تنمية بعض جوانب الإبداع لديه وخصوصا المرتبطة بالفنون وأنواعها كالرسم والكتابة
ثالثاً: قراءة القصص المتنوعه  ومنها الواقعية  والتي تشتق أحداثها من بيئة الطفل القريبة والبعيدة , والخرافية وهي قصص تعتمد على الخيال وافتراض شخصيات وأعمل لا وجود لها في الواقع كقصص ألف ليلة وليلة , والرمزية وهي قصص تصور الحياة في كثير من مظاهرها بطريقة لبقة وبارعة لأن أحداثه تجري على ألسنةالطير والحيوان ومن أمثلة هذا النوع قصص كليلة ودمنة , وقصص البطولات والمغامرات ومن أمثلتها الرحلات والكتشافات وبخاصة الجغرافية , والقصص الفكاهية وهدفها الترفيه عن النفس ودفع الملل والسأم عنها , والقصص الاجتماعية وهي التي تتكون  لعرض مشكلة اجتماعية أو تعريف بالبيئة وتقاليدها وتتسع هذه القصص لتصوير الميول الانسانية كالحب والتعاون والمكر والجشع … , والقصص التاريخية والتي تدور أحداثها وشخصياتها حول التاريخ وأحداثه .
فقراءة كل هذه القصص للطفل تكون مفيدة لنمو مخيلة الطفل وإكسابه المفردات والطلاقة اللغوية  والأصالة والمرونة و تبني المواقف والأراء وحل المشكلات  وهي من مكونات التفكير الإبداعي .
رابعاً: ترك مساحة من الحرية  للطفل ليمارس هواياته من لعب واستكشاف .
خامساً: الإبتعاد عن تعنيف الطفل حتى ولو أخطأ , إنما تشجيعه وتوجيهه وإرشاده وبث الثقة بنفسه .
سادساٍ: تعرف  الطفل على أنواع الفواكه والخضار والمأكولات والأحجام والأشكال الهندسية بما يشكل خبرة حسية حقيقية ويوسع من دائرة الوعي والمعرفة لديه .
سابعاً: متابعة الأطفال والعناية بهم وتنويع خبراتهم في جميع المجالات وإشراكهم في الأنشطة الثقافية والمهنية .
ثامناً: إعطاء الطفل الفرصة للتحدث والاستماع له لتنمية طلاقته اللفظية والفكرية والتعبيرية والتصورية .
تاسعاً: إشراكه في حل المشكلات بما يبعد عنه الجمود العقلي من خلال ما يتبناه من أنماط فكرية محددة يواجه بها أنماط الحياة مهما تنوعت واختلفت , وذلك يكون بتغيير حالته العقلية لأجل أن تتناسب مع طبيعة الموقف الإبداعي وتعقده .
أخيراً في النهاية نستطيع القول أن الإبداع والتفكير الإبداعي عند الأطفال يرتبط بالذكاء , فالأطفال ذوي الذكاء المرتفع يمتلكون مهارات ومستويات جديرة وفريدة للإنتاج الإبداعي حيث يعد الذكاء المرتفع والعالي نقطة أساسية وكلمة السر للدخول إلى عالم الإبداع الرحب والواسع والغني , ولكن مع وجود البيئة السليمة التي تقوم برعاية وإنضاج هذه الملكات للوصل بها إلى بر الأمان , بما يبشر بمستقبل واعد لعالم البشر .