العوائق التي تعيق الأسرة عن المساهمة في البرامج والخدمات المقدمة للطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة

المقدمة: كانت الأسرة في المجتمعات العربية ولاتزال تتبوأ دوراً مركزياً في تشكيل شخصية الفرد ونموه وبالرغم من بعض التغيرات التي طرأت حديثاً على بنية الأسرة في مجتمعاتنا إلا أن الأسرة لا تزال النمط السائد ومع أن هذا النمط الأسري ليس خالياً من النواقص والسلبيات إلا أنه يوفر للفرد دعماً نفسياً ومادياً واجتماعياً مناسباً.

حيث نجد أن أسرتي الزوجين من أجداد وأعمام وأخوال تشاركان بفعالية في عملية تنشئة الأطفال، فإذا ما كان أحد هؤلاء الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة تصبح هذه المشاركة ذات معنى خاص وطبيعة مميزة، يعطي خصوصية للأسرة العربية يميزها عن غيرها من الأسر الأجنبية.

وعلى الرغم من هذه المظلة الاجتماعية المترابطة التي تحيط بالأسرة  العربية إلا أن هناك العديد من العوائق التي تعيق الأسرة العربية عن المساهمة بفاعلية في البرامج والخدمات المقدمة للطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.

ومن هذا المعوقات:

 الاتجاهات السلبية نحو الإعاقة والفرد المعاق المنتشرة في المجتمعات العربية وما يرتبط بتلك الاتجاهات من اعتقادات خاطئة تؤثر على الأسرة، وتشكل مصدر ضغط كبير بحيث نجد أن الأسرة قد تلجأ إلي إخفاء طفلها المعاق، أو إلى إنكار حقيقة أن طفلها يعاني من أي مشكلة. فعلى سبيل المثال بعض الأسر تنكر وجود الطفل المعاق وتحرمه من فرص التدريب والتعليم المناسب.

     ردود الفعل السلبية التي قد تولدها إصابة الطفل بالإعاقة لدى الوالدين مثل الإنكار، والصدمة، والشعور بالذنب، والحزن، والكآبة، والمشكلات الأسرية التي قد تصل إلى حد الطلاق كل هذه الردود تؤثر بشكل سلبي جداً على قدرة الوالدين في المساهمة بفعالية في أية خدمات تقدم للطفل، وعلي سبيل المثال نجد أن الوالدين اللذين يعيشان في مرحلة الإنكار لوجود الإعاقة قد يمضيان وقتاً طويلاً جداً ربما يمتد إلى سنوات وهم في عملية تسوق لآراء الأطباء والأخصائيين لعل أحد منهم ينفي احتمالية وجود الإعاقة لدي الطفل مما يحرم طفلهم من تلقي الخدمات الضرورية في عمر مناسب.

    قلة المعلومات العلمية الصحيحة المتوافرة للوالدين عن الإعاقة وتأثيراتها على الطفل المعاق، مما يؤثر في قدرتهم على تهيئة ظروف التنشئة المناسبة لطفلهم.

    بعض أساليب التنشئة الأسرية الخاطئة ومنها :1. الحماية الزائدة التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلي تأخر نمائي كبير لدي الطفل وعلي سبيل المثل قد نجد طفلا كفيفاً منذ الولادة عمره (6) سنوات؛ ولكن قدرته على الحركة والكلام لا تتجاوز قدرات طفل عمره سنة واحدة؛ وذلك كنتيجة مباشرة للحماية الزائدة من قبل أسرته.

2. الاهمال النفسي والحرمان العاطفي من أخطر أنواع الإهمال التي يتعرض لها الطفل وأكثرها تأثيراً في نموه العقلي، وتكوين شخصيته الاجتماعية على المدى القريب والبعيد‏ حيث نجد بعض الأسر تهمل الطفل المعاق بشكل مبالغ فيه نظراً لقناعتها بأن هذا الطفل غير قادر على التعلم بسبب إعاقته حيث تلجأ الأسرة إلى إبقاء الطفل في غرفة خالية ويغلق عليه الباب ولا يسمح له بالخروج أو بالاختلاط بالآخرين، مما يحرم الطفل من اكتساب الكثير من المهارات اللازمة والضرورية مما يؤثر علي نموه.

وكما هو واضح فإن الحماية الزائدة أو الإهمال للطفل هما جهان لعملة واحدة وعادة ما يكون مصدرهما قلة المعلومات والوعي بقدرات الطفل المعاق وحاجاته وإمكاناته لدى الوالدين.

 الاتجاهات السلبية لدي بعض الأخصائيين العاملين في مجال التربية الخاصة نحو الأسرة مثل الأطباء، أو أخصائيين العلاج الطبيعي، أو الوظيفي، أو حتى المعلمين العاملين في المجال، وللأسف قد نجد أن منهم من لا يؤمن بحق وقدرة أسرة الطفل على المساهمة بشكل فعال في برامج تدريب وتعليم الطفل.

 قلة التشريعات، والقوانين المتوافرة علي مستوي الدول العربية والتي تنص صراحة على حق الطفل الخاص وأسرته في التعليم والخدمة المناسبة وخاصة في مرحلة الطفولة المبكرة.

 محدودية برامج التدريب والإرشاد والتوعية الموجهة للآباء والأمهات، وقلة عدد المراكز التي تقدم خدمات التدخل المبكر على مستوي العالم العربي، بالإضافة إلى قلة الأخصائيين، والمعلمين المؤهلين، والمدربين للعمل في مجال التدخل المبكر.

وعلى الرغم من هذا الواقع المؤلم الذي تعيشه الأسر العربية  كنتيجة للمعوقات التي أشير لها إلا أن للأسرة دوراً بالغ الأهمية في تفعيل أية خدمات تقدم لطفلهم.

إن الاهتمام بمشاركة الأسرة في برامج الطفولة المبكرة إنما هو محصلة للوعي المتزايد لأهمية السنوات المبكرة وتأثيرها في نمو الطفل، وإدراك حقيقة أن الأسرة تلعب دوراً أساسياً وفعالاً في التأثير علي النمو في هذه السنوات المبكرة.

بقلم الباحثة: سماح السلطي

المرجع: http://www.raya.com/news/pages/c0225a00-8bae-4fe6-843d-63966d4d4834