أمجد .. حكاية حب أبدية
بقلم: أمينة المكتبة ردينة حيدر
حين قدم الطفل أمجد إلى مكتبة المركز الإقليمي مع والدته (التي تعمل في المركز) للمرة الأولى وكان عمره حينها أقل من ثلاثة سنوات، بدأ رحلة اكتشاف عالم المكتبة بما فيه من قصص وألعاب وأدوات وأشخاص، وكان يبدو لي بحكم خبرتي في العمل مع الأطفال بأن شيئا ما جديدا وأصيلا ومشرقا قد بدأ ينمو ويزدهرفي حياته الداخلية.
ويوم بعد يوم ترعرع أمجد في كنف الحب والسحر والخيال، وصار من رواد المكتبة الأساسيين، تجول في كل زاوية من ذلك العالم، اختبره، واختبر معظم تجارب أبطاله، لكن أهم ما في الأمر أنه أحب المكتبة، وشعر بالسعادة في حضور أبطال الحكايات وفي حضورنا نحن أيضا.
لكن الملفت في قصة أمجد، أنه وبعد سنة من وجوده في المكتبة بدأ يقوم بتمثيل دور الجد ودور الراوي، بدأ يمسك القصص ويقوم بحكايتها من الصور، بلغة أدبية فريدة مترابطة وجذابة، وفيها الكثير من الخيال.
وكنا في بعض الأحيان وأثناء قيامنا بورشات العمل للمربيات والأهالي نفتتح ورشاتنا تلك بقراءة لأمجد، حيث كان يجلس أمام المشاركين/ات في الورشات بثقة عالية بالنفس، ويقوم بحكاية الحكاية، يتلقى أسئلتهم ويتفاعل معهم بطريقة تدعوهم للاستغراب والدهشة.
كل ما فعلناه مع أمجد أننا تبادلنا الحب غير المشروط، حكينا الحكايات، لعبنا، غنينا، رقصنا، تأملنا، ضحكنا، وتحاورنا في كل شيء، صار جزء من عائلة المكتبة، بينما كان هو بنفسه يحدد ملامح شخصيته المبدعة والمشعة حبا وسعادة.
واليوم يوشك أمجد أن يغادرنا، لقد صار عمره ست سنوات، سينتقل إلى مدرسة في مكان قريب من حيه، يبدو أنه من الصعب علينا تخيل المكتبة بدونه، كان أمجد وسيبقى دائما دافعا لنا لنتطور ونرتقي إلى مستوى جمال روح الطفولة التي تسكنه.
واليوم لا يسعنا إلا أن نقول له إن المكتبة ستفتح قلبها دائما لكل الأطفال وأننا في المكتبة لن ننسى ما وهبنا من قلبه الصغير ، وإننا على يقين بأنه يوما ما عندما يكبر سيعود إلينا حاملا قصصا من حياته وربما من تأليفه ويجلس على نفس الكرسي ويشرع في حكايتها للأطفال.
فحكاية الأطفال مع مكتبة المركز الإقليمي لتنمية الطفولة المبكرة حكاية لا تنته، وأمجد هو احد من عشرات الأطفال الذين ألفوا حكايتها، وتركوا خيالاتهم وإشعاعهم يسبح بين ثنياها، ليشكلوا غيمة من خيال تغطي كل مساحة سورية، وتمطر فوق أرضها حبا وسلاما وجمالا.