الإساءة النفسية للطفل

تعود إساءة معاملة الطفل لأشكال متنوعة من الأذى الذي يمكن  أن يعاني منه والواقع عليه من الأهل،  أو من مقدم الرعاية أو المقربين منه، أو الغرباء المحيطين بأسرته.

وتُعرف إساءة المعاملة النفسية (الانفعالية) للطفل بأنها:  نمط سلوكي سيئ يقضي على العلاقة العاطفية الطبيعية مع الطفل والتي يحتاجها لنمو شخصيته مثل: الإساءة اللفظية، أو طرق عقابية غريبة منها حبس الطفل في الحمام، أو في غرفة مظلمة. أو ربطه بأثاث المنزل، أو تهديه بالتعذيب، والاستخفاف بالطفل، أو تحقيره ،أو نبذه واستخدام كلام يحط من مكانته، أو تعنيفه، أو لومه، أو إهانته.

أشكال إساءة المعاملة النفسية (الانفعالية) للطفل:

يوجد أشكال عدة للإساءة النفسية نذكر بعض منها:

1-ازدراء :وهو نوع من التصرف يجمع بين الرفض والذل، فمثلاً يرفض أحد الوالدين مساعدة الطفل، ، أو يُلقب بأسماء  وصفات تحط من قدره.

2-الإرهاب:  ويتمثل بالتهديد والإيذاء الجسدي للطفل، أو التخلي عنه إذا لم يسلك سلوكاً  معيناً، أو تعريضه ، للعنف أو التهديد من قبل أشخاص يحبهم.

3-العزلة: وهي عزل الطفل عمَّن يحبهم أو أن يُترك بمفرده لفترات طويلة، وربما يمنع من التفاعلات مع الزملاء أو الكبار داخل وخارج العائلة .

4-الاستغلال والفساد : ويتضمن تشجيع الطفل على الانحراف، مثل تعليمه سلوكاً إجراميا أو تركه مع خادم ، أو تشجيعه على الهروب من المدرسة.

5-الإهمال: وهو أقسى أنواع الإساءة حيث يشعر الطفل بعدم وجوده وهذا الإحساس يدفعه إلى العدوانية والانتقام وكراهية الآخرين، ويأخذ الإهمال أشكال عدة.

6- التجاهل : وهو عدم استجابة الآباء أو مقدمي الرعاية للطفل . وربما لا يقيم الآباء أو مقدمي الرعاية تواصل بصري مع الطفل.

7- الدلال الزائد :

ويأخذ أشكال عدة  :

  • محاولة الاستجابة لطلبات الطفل المتكررة. وتركه في المباح وما لا يضر بغير منع. اللطف واللين والرقة الزائدة، فرض الطفل رغباته وتصرفاته المضايقة للآخرين مع عدم الاعتراض على ذلك مثل : ( إطفاء النور على الموجودين في الحجرة – طلبات غير ملحة في ساعة متأخرة )

8- القسوة :تتميز باعتماد أسلوب العقاب البدني كأساس في التربية، وتأخذ أشكال عدة مثل  :

الضرب بشدة ، توعده بأمور مخيفة مثل (الحرق – الحبس في الظلام )، التأنيب المستمر وتؤدي  القسوة والتربية الصارمة إلى خلق ضمير أرعن، وتولدان الكراهية للسلطة وكل ما يمثلها ، وتجعلان الطفل يقف من المجتمع موقفاً سلبياً.

9- التضارب : وهو أن يعاقب الطفل مرة في موقف ، ويثاب مرة أخرى في الموقف نفسه .

وأضرار ذلك :

  • الصعوبة في معرفة الصواب من الخطأ
  • ينشأ الطفل متردداً ولا يستطيع حسم الأمور
  • عدم القدرة على التعبير الصريح عن إرادته وآرائه ومشاعره
  • التقلب في المعاملة يجعل الطفل في حالة قلق وحيرة و تهتز ثقته بوالديه ، وقد يدفعه ذلك إلى الكذب والنفاق.

10- عدم العدل والمساواة في معاملة الأطفال :

ويتضح جلياً في أسرة رزقت بإناث عدة ثم رزقن بذكر ، فيميل الوالدان إلى تفضيل الذكر بشكل ملحوظ عن سائر إخوته ، كما يميل الوالدان إلى تفضيل طفلهم الأكثر ذكاءً عن إخوته أو أخواته الأقل ذكاءً، وقد يميل الوالدان إلى تفضيل ابنتهم الأكثر جمالاً عندها يسمح للطفلة أو للطفل المفضل بالقيام بأعمال معينة لا يسمح للأطفال الآخرين بممارستها.

11 – فرط الحماية :

إن فرط الحماية لا يقل عن إهمال الطفل من حيث النتائج السلبية على شخصيته ، لأن هذا الفرط سواء في الملبس أو الصحة، أو الطعام ، أو اللعب، أو منعه من الاشتراك مع بقية الأطفال في اللعب والتسلية بحجة الخوف عليه يمنع استقلال شخصيته، ونموها، ونضجها، وتحملها المسؤوليات ويبقى الطفل في كبره ذو شخصية طفيلية في علاقاته الانفعالية مع من حوله ، إنَّ مظاهر فرط حماية الطفل من قبل الأم كاستمرارها على إطعامه بيدها، واستحمامه، وإلباسه أحياناً والنوم معه حتى يتجاوز الثانية عشرة من عمره تجعل الطف يستمر في طلباته الطفيلية ، ويصعب ضبطه أو جعله نظامياً ، فيتميز سلوكه بعدم الطاعة، والوقاحة، وثورات الغضب والتهجم والأنانية والغرور.

12- الإساءة اللفظية:

و تعد من أخطر وأكثر أنواع العنف انتشاراً في المجتمعات العربية وتشمل أو تضم  تجاهل الرأي الآخر، و نجد هذه الآفة في البيت عند الوالدين، وفي الشارع والبيئة الخارجية المحيطة بالطفل . وقد انتشرت هذه الظاهرة عن طريق القدوة الحسنة سواء تمثلت بالوالدين أو من هم أكبر منهم سناً كالإخوة والأقارب وغيرهم وتجلت بمنع الأطفال من التعبير عن آرائهم أو إكمال حديثهم بالسخرية والتوبيخ والتجاهل ، الأمر الذي يؤثر سلباً في نفسية الأطفال . وعلى الرغم من أن هذا التصرف من قبل المحيطين لم يكن القصد منه الإساءة أحياناً إلا أنه يسبب مشاكل نفسية كثيرة ،لذلك نجد أن من مظاهر التحقير في بيئتنا مناداة الأطفال بكلمات نابية وقبيحة أمام الأخوة والأخوات والأقارب والجيران بحيث يشعر الطفل أن لا قيمة ولا اعتبار له بين أسرته. ويشير بعض الدراسيين إلى أن محور الإساءة النفسية هو الإساءة اللفظية التي تتضمن التحقير، والإهانة، وإلحاق الأذى والتهكم والسخرية، ومناداة الطفل بطريقة تقلل من كرامته وقيمته الذاتية ومن أشكالها :الصراخ والشتم، والتحقير، ووصف الطفل بالغباء وتقليد عدم قدرته على القيام ببعض الأعمال وعجزه عن ذلك .

وفي ضوء ما سبق يمكن القول: إن إساءة معاملة الطفل تؤثر على كل مجالات حياته النفسية وتظهر نتائجها بعد فترة طويلة من الإساءة، وقد تظهر على المدى القصير سواء على الجوانب السلوكية والجسمية والدراسية، وفي علاقاته مع الآخرين وإدراك الذات، واضطرابات الشخصية كالاكتئاب، والعزلة وضعف الروابط الانفعالية مع الآخرين .

                                             إعداد: دائرة الأبحاث والدراسات

                                                              إيمان نصور