أهمية دور الأب في حياة الطفل

لا يقل دور الأب عن دور الأم في تربية الطفل، فهو الذي يوجهه وينظم حياته، وسيتمكن الطفل من الاعتماد على نفسه، واتخاذ المواقف المناسبة حيال ما يحدث معه فيما لو تكامل عمل الأب مع الأم بمسؤوليتهما ونجحا فيها.

ومسؤولية الأب تكون على مستوى مشاركته طفله وتطوره ،فيجب على الأب أن يظهر اهتمامه لطفله وحبه له ويخبره أنه يحبه ويحضنه ويقبله، وعليه أن يقضي وقتاً معه يقومان فيه بأعمال مشتركة، كالمشاركة في الغذاء واللباس ومشاهدة برامج التلفزيون معاً، واللعب معه، ومشاركته في الرسم والتلوين وقراءة القصص، وأخذه في نزهات ورحلات وزيارات اجتماعية أو الذهاب إلى السوق أو الشارع وغير ذلك عليه أن يؤسس علاقة مع طفله قائمة على التواصل المتبادل والاحترام ،واشعاره بالثقة وتقدير ما يفعله ومناقشته وحواره واعطائه فرصة للتعبير عن ذاته واحترام أسئلته والتجاوب معها.

      يجب على الأب أن يمارس دوره بشكل يجعل الطفل يؤمن بعدالته وعطفه، وهذا يتطلب منه أن يراقب دائما تصرفاته وأعماله ، كما عليه أن يدرك أن أفضليته على ابنه إنما تعود لعلمه وقابليته لمد يد العون إليه لا إلى قدرته وقوته، وليستخدم قوته في طريق الخير لطفله، عليه أن يتعامل مع طفله بشكل يجعله ينتظر لقاءه بفارغ الصبر لا أن يفر منه ويكره لقائه.

    على الأب أن يخصص وقتاً للعب مع الطفل يومياً ولو لربع ساعة، ويبدي اهتمامه له ويسأله عن أحواله عند عودته من المدرسة ولا يتجاهله، والاستماع إليه مهما كان الأمر بسيطاً جداً، وأن يشجعه بين الحين والآخر على حسن السلوك، وأن يمنحه مكافأة مثل زيادة مصروفه أو شراء لعبة يحبها ،وعندما يخطئ الطفل يعاقبه، وعلى الطفل أن يختار عقابه بنفسه دون ضرب، فعندما يجد الطفل أنه مخير بالعقاب سيشعر بتأنيب الضمير ويتراجع عن أخطائه ،فالعقاب المعنوي أفضل بكثير من العنف أو الحرمان من المصروف أو الشتائم والضرب.

      ولا يجوز للأم أن تهدد طفلها بإخبار الأب عن سلوك معين قام به، قائلة: (سوف أقول لوالدك حتى يعاقبك) الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر في تكوين صورة سلبية للطفل عن دور والده، ويصبح الأب في نظر الطفل الشخص الذي يقوم بإنزال العقاب كلما أخطأ.

      إن القدرة على التأثير هي التي تفرق بين الأب الناجح والمربي الناجح، فإذا لم يكن مؤثراً بالطفل فإن رده على ما يطلبه منه يكون دون أي قناعة أو رغبة أو احترام.

إن المربي الناجح هو الذي يتمتع بالذكاء والنظرة العميقة للأمور بالإضافة إلى سرعة البديهة، والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة دون تردد وقدرته على التعبير والاقناع، وهو الذي يتحلى بالجد في العمل والصدق في المعاملة والشجاعة، لذا يجب على الأب أن يكون مربياً مبدعاً أمام طفله ويكون شجاعاً في تطبيق الأساليب الجديدة والمبتكرة، ويبحث عن التغيير ويفكر بشكل متحرر عن القيود ولا تقف قلة الإمكانات وغيرها حائلاً دون غايته، فأي انسان يستطيع أن يكون أباً ناجحاً ولكن لا يستطيع كل أب أن يكون مربياً ناجحاً.

     إن وجود الأب ضروري بوصفه قدوة، ومثلاً أعلى، فضلاً عما يضيف وجوده من توازن وأمن واستقرار مادي ونفسي على الأسرة عامة، فلو اضطر الأب أن يكون غائباً فهو قادر على تخفيف أثر غيابه لو أراد ذلك عبر وسائل مختلفة، رسائل، مكالمات هاتفية، إرسال هدايا، وأن يسعى جاهدا ليكون غيابه لفترات قصيرة ،وكلما تسنى له الحضور إلى أسرته يحضر ويكون حضوره فعال.

       ويبقى المعنى الأكثر تأثيراً على الطفل بشكل سلبي ويثير قلقاً هو الأب الحاضر جسدياً الغائب نفسياً وعاطفياً، فالأب الغائب فعلاً هو ذاك الحاضر بجسده الغائب بقلبه، الأمر الذي يولَد فراغاً عاطفياً وعميقاً لدى الطفل مصحوباً بقلق وانعدام شعور بالأمن والحماية، ويصبح الطفل خارج السيطرة.

       إن أصول التربية السليمة تقتضي وجود الأب والأم أثناء تطور الطفل ونموه، وإذا تخلى أحد هذين الطرفين عن مسؤوليته فإن ميزان المنظومة التربوية سيختل بالتأكيد.

دائرة الأبحاث والدراسات

زاهدة غويش